إن الهدف من قراءة أي كتاب يتوقف على موضوعه، فإن كان كتابا في علم من العلوم فإن الهدف من قراءته اكتساب المعرفة، وإذا كان كتابا تاريخيا كان الهدف اتخاذ العبرة من أحداث الماضي وتدبر شئون الحاضر والمستقبل من خلال ذلك، وإذا كان كتابا أدبيا كان الهدف التذوق الفني وما قد يصحبه من متعة روحية وتهذيب أخلاقي، وهكذا.
وإذا أردنا أن نحدد أهداف قراءة القرآن الكريم وجدنا أنها ترتبط أيضا بموضوعه إلى حد كبير، فالقرآن ليس كتابا في علم من العلوم، وإن كان فيه من العلم ما يعجز
العقل البشري عن الإحاطة به، والقرآن ليس كتابا في التاريخ، وإن كان فيه من القصص ما فيه عبرة لأولي الألباب، كما أنه ليس كتابا أدبيا، وإن كان فيه من جمال الأسلوب وروعة التعبير ما يعجز البشر عن الإتيان بمثله.
فما موضوع القرآن إذن، وما أهداف قراءته؟
إن موضوع القرآن الأساسي هو هداية البشرية إلى منهج الله تعالى الذي اختاره لها، وكانت قراءته من أهم ما يحرص المسلمون على تعلمه وتعليمه والمداومة عليه، حتى قال ابن خلدون: «اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم، لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات، وسبب ذلك أن