للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعون من بعدهم، ونقل ذلك عنهم، ولم يزل متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودوّنت الكتب، فكتب الكثير من ذلك، ونقلت الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي، وأمثال ذلك من المفسرين، فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.

«ثم صارت علوم اللسان صناعية، من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب، فوضعت الدواوين في ذلك، بعد أن كانت ملكات للعرب، لا يرجع إلى نقل ولا كتاب، فتنوسي ذلك وصارت تتلقّى من كتب أهل اللسان، فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم، وصار التفسير على صنفين:

تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف، وهي معرفة الناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، ومقاصد الآي، وكان ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين، وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا ...

والصنف الآخر من التفسير وهو ما يرجع إلى اللسان، من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب، وهذا الصنف من التفسير قلّ أن ينفرد عن الأول، إذ الأول هو المقصود بالذات ... » (١).

وقد روى عبد الله بن عباس حديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن تفسير القرآن بالرأي هما:

الأول: قوله: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» (٢).

والثاني: قوله: «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» (٣).


(١) مقدمة ابن خلدون ص ٤٣٨ - ٤٤٠.
(٢) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٦): أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود والطبري.
(٣) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٦): روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي.

<<  <   >  >>