للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاني الآيات البينات، في الحيوان والنبات والأرض والسماوات، ولتعلمنّ أيها الفطن أن هذا التفسير نفحة ربانية، وإشارة قدسية، وبشارة رمزية، أمرت به بطريق الإلهام، وأيقنت أن له شأنا سيعرفه الخلق، وسيكون من أهم أسباب رقي المستضعفين في الأرض» (١).

ونحا هذا المنحى أيضا، وإن كان على نحو أخف، الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسيره، فقد قال في مقدمته: «ويضم إلى آراء مؤلفه آراء أهل الذكر من الباحثين في مختلف الفنون التي ألمح إليها القرآن على ما أثبته العلم في عصرنا» (٢).

ومع إمكان تلمس العذر لأولئك المفسرين الذين سلكوا هذا المنهج فإن «الذين يفسرون القرآن الكريم بما يطابق مسائل العلم، ويحرصون على أن يستخرجوا منه كل مسألة تظهر في أفق الحياة، يسيئون إلى القرآن من حيث يظنون أنهم يحسنون صنعا، لأن هذه المسائل التي تخضع إلى سنّة التقدم تتبدل، وقد تتقوض من أساسها وتبطل، فإذا فسرنا القرآن بها تعرضنا في تفسيره للنقائض، كلما تبدلت القواعد العلمية، أو تتابعت الكشوف بجديد ينقض القديم، أو يقين يبطل التخمين» (٣).

فكل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية العامة بما يصل إليه العلم من نظريات متجددة متغيرة، أو حتى بحقائق علمية ليست مطلقة، تحتوي أولا على خطأ منهجي أساسي، وهو أن نعلّق الحقائق النهائية القرآنية بحقائق غير نهائية، وهي كل ما يصل إليه العلم البشري. كما أنها تنطوي على معان ثلاثة كلها لا يليق بجلال القرآن الكريم (٤):


(١) الجواهر في تفسير القرآن ١/ ٣.
(٢) تفسير المراغي ١/ ٤.
(٣) مناع القطان: مباحث في علوم القرآن ص ٢٧٠.
(٤) ينظر: في ظلال القرآن ٢/ ١٨٢.

<<  <   >  >>