للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتفسير القرآن، فهو بحر التفسير وحبر الأمة، الذي لم يكن على وجه الأرض في زمانه أعلم منه» (١).

وكان ابن عباس إلى جانب ذكائه وفطنته حريصا على أخذ العلم عن كبار الصحابة، فكان في شبابه يسأل الصحابة ويكابد من أجل ذلك المشاق (٢)، وذكر أبو ليث السمرقندي: «أنه كان إذا أشكل عليه شيء من التفسير سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين من أهل الكتاب الذين قرءوا الكتب مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وغيرهما» (٣)، فاشتهر ابن عباس بالعلم والفطنة والذكاء.

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أوائل من عرف ما كان لابن عباس من علامات الفطنة والذكاء وحسن تأويل القرآن، فكان يقدمه على صغر سنّه، ويجلسه مع أشياخ بدر (٤).

وعرف ذلك أيضا عبد الله بن مسعود، فكان يقول: «نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس» (٥)، وقد عاش ابن عباس بعد عبد الله بن مسعود ستا وثلاثين سنة، فذاع صيته واشتهر أمره، وسلّم له علماء الصحابة بتقدمه وعلمه، روي أن عبد الله بن عمر سمع تفسير ابن عباس لقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (٣٠) [الأنبياء] فقال: «قد كنت أقول: ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه أوتي علما» (٦).


(١) ابن الجزري: غاية النهاية ١/ ٤٢٥.
(٢) ينظر ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٧١.
(٣) بستان العارفين ص ٣٦١.
(٤) ابن حجر: فتح الباري ٨/ ٧٣٤، والسيوطي: الاتقان ٤/ ٢٠٦.
(٥) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٣٦٦، والسيوطي: الاتقان ٤/ ٢٠٥.
(٦) ينظر: الطبري: جامع البيان ١/ ٤٠، والسيوطي: الاتقان ٤/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>