للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتلخص تلك المشكلات في الأمور الآتية (١):

١ - نظام الجملة، فاللغات تختلف في النظام الذي تخضع له الجمل في ترتيب كلماتها، وعلاقة كل كلمة بالأخرى.

٢ - ومن صعوبات الترجمة ما يتعلق بجمال الألفاظ وجرسها.

٣ - والمشكلة الكبرى في الترجمة هي التي تتصل بدلالة الكلمات وحدود معانيها. ودلالة الكلمات في مجال الأفكار وفي النشاط العلمي تلتزم عادة حدودا لا تكاد تتعداها، أما في ترجمة النصوص الأدبية فالمشكلة أشد عسرا، وأصعب منالا، لأن الآداب تعتمد على التصوير والعاطفة والتأثير والانفعال، إلى جانب ما تعبر عنه من أفكار.

وتبلغ صعوبة الترجمة غايتها في ترجمة القرآن الكريم، فمن المستحيل أن يقدر بشر مهما أوتي من العلم وتمكن من اللغة أن يعيد صياغة آيات القرآن بلغة أخرى غير العربية، ويحافظ في الوقت ذاته على معانيه من جانب وأسلوبه المعجز من جانب آخر.

ومع صعوبة الترجمة، إن لم نقل استحالتها، فإن علماء المسلمين يقررون ضرورة تبليغ القرآن ورسالته إلى أمم الأرض مهما كانت لغاتهم، وتحقيق ذلك قد لا يتم إلا

بضرب من الترجمة، قال ابن تيمية، رحمه الله: «ومعلوم أن الأمة مأمورة بتبليغ القرآن لفظه ومعناه، كما أمر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون تبليغ رسالة الله إلا كذلك، وإن تبليغه إلى العجم قد يحتاج إلى ترجمته لهم، فيترجم لهم بحسب الإمكان، والترجمة قد تحتاج إلى ضرب أمثال لتصوير المعاني فيكون ذلك من تمام الترجمة» (٢).


(١) ينظر: المصدر نفسه ص ١٧١ - ١٧٥.
(٢) مجموع الفتاوى ٤/ ١١٦ - ١١٧.

<<  <   >  >>