للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(معجزات)، فقد روى البخاري، رحمه الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من الأنبياء نبيّ إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا

أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» (١).

قال ابن حجر: «أي أن معجزتي التي تحدّيت بها [هي] الوحي الذي أنزل عليّ، وهو القرآن، لما اشتمل عليه من الإعجاز الواضح» (٢).

وجاء في القرآن ما يؤكد أن أكبر معجزاته صلى الله عليه وسلم هو القرآن، قال الله تعالى:

وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ (٥١) [العنكبوت]. فالقرآن الكريم أفضل معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وأكملها وأجلها وأعظمها (٣).

وشهد عصر النبوة صراعا شديدا بين الدين الجديد وأتباعه، وبين المشركين الذين أعلنوا عداءهم وحربهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وشنوا حملة من الطعن والتشكيك في القرآن الكريم، ولم يملكوا وهم يحسون بقوة تأثيره في النفوس إلا أن يلفقوا الأقاويل والأباطيل بحق القرآن، ولكن ذلك لم يحل بين القرآن والتأثير في النفوس وجذب المؤمنين إلى الدين الجديد، فتصايحوا حينئذ لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) [فصلت].

كان مشركو مكة متحيرين في أمر القرآن وقوة تأثيره في النفوس، ولم يتفقوا على كلمة يقولونها بحق القرآن ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة أحد كبرائهم ليتداولوا في هذا الأمر، فقال لهم الوليد: أجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا، ويردّ قولكم بعضه بعضا، قالوا: فأنت


(١) ينظر: ابن حجر: فتح الباري ٩/ ٣ و ١٣/ ٢٤٧.
(٢) فتح الباري ٩/ ٦، وينظر: السيوطي: الإتقان ٤/ ٣.
(٣) الفيروزآبادي: بصائر ذوي التمييز ١/ ٦٧.

<<  <   >  >>