قال أبو علي: يريد (كَمْ) في الخبر، والذي وفق بينهما أن (كم) في الخبر تجري مجرى عدد مضاف، فإذا فصل بينه وبين ما يضاف إليه اختير فيه النصب، وما لم يكن يختار فيه قبل الفصل، وهو تشبيهه في الخبر بالعدد المنون كراهة الفصل بين الجار والمجرور.
قال: ألا ترى أن قبح (كَمْ بها رَجُلٍ مُصابٍ) قبح (ربَّ فيها رَجُلٍ).
قال أبو علي: إذا قلت: (كم بها) فقد يكون كلامًا تامًا، لأن معناه رجال كثير بها في الخبر، وإذا قلت:(ربّ فيها رجلٍ) لم يكن كلامًا، كما أن (بزيد فيها) لا يكون كلامًا، فليس العبرة بما يفصل به بين المضاف والمضاف إليه تمام الكلام ونقصانه عن التمام، إنما الذي يستقبح من أجله ذلك هو أن يفصل بين الاسمين بما ليس منهما، فإذا فصلت بكلام تام فقد فصلت بما ليس منهما، كما أنك إذا فصلت بكلام غير تام فقد فصلت بما ليس منهما، فالتام والناقص على هذا في القبح سواء.