للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل بعد (حتى).

وإن أردت بقلَّما نفي السير أصلاً حتى كأنك قلت: (ما سِرْتُ) لم يجز الرفع أصلاً، كما أنّك إذا قلت: ما سِرْت حَتّى أدخلها لم يجز الرفع في الفعل بعد (حتى).

وأقلُّ ما سِرْتُ بمنزلة قلّما سِرْتُ في النفي، فكما أنه لا يجوز الرفع في الفعل بعد (حتى) في قولك: قلّما سرتُ حتّى أدخلَها كما لم يجز في: ما سِرْتُ حتّى أدخلَها، كذلك لا يجوز الرفع في الفعل بعد حتّى في قولك: أقلُّ ما سِرْتُ حتّى أدخلَها، وإنما لم يجز الرفع في الفعل بعد (حتى) إذا نفيت الفعل الذي قبل (حتى) لأن الفعل الذي بعد (حتى) إذا رفع كان سببه الموجب له الفعل الذي قبله، فإذا بقي الفعل الذي هو السبب لم يكن المتولد عنه، فإذا رفع الفعل بعد (حتى) فهو للحال، ومن أجل ذلك ارتفع، فإذا نفي السبب الكائن عنه لم يكن ولم يتولد، فاستحال أن يرتفع وهو معدوم على الحال، فإذا لم يجز رفعه، لأنه ليس في الحال لنفي السبب صار (حتى) بمعنى إلى في أنه غاية، وانتصب الفعل بعده على إضمار (أنْ)، وصار الفعل المنتصب مع (أنْ) المضمرة الناصبة للفعل في موضع اسم مجرور، وصار (حتى) مع الاسم المجرور بعدها في موضع اسم منصوب.

والدليل على أن (قَلَّما) نفي بمنزلة (ما) النافية نصبك الفعل بعدها بعد الفاء في قولك: قَلَّما سِرْتُ فأدْخُلَها.

فإن قيل: أليس علتُك في بطلان الرفع بعد (حتَّى) إذا نفيت السَّير زوال السبب المؤدي إلى الحال، فهلا أبطلت النصب أيضًا فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>