قال: ونَظِيرُ جَعْلِهم لَمْ آتِكَ، ولا آتِيكَ وما أشْبَهَهُ بمنزلة الاسم في النّيَّةِ حتّى كأنّهم قالوا: لَمْ يَكُ إتْيانٌ، إنشادُ بعض العربِ قولَ الفرزدق:
مَشائيم لَيسوا مُصلحين عَشيرةً ... ولا ناعبٍ إلا بِبَيْنٍ غُرابُها
قال أبو علي: يقول: إنك إذا قلت: ما تأتينا فكأنك قلت: لم يكن إتيانٌ، كما أن الشاعر لَمَّا قال: لَيْسُوا مُصْلِحينَ فكأنه قد قال: ليسوا بمصلحين، ومعنى ليسوا مصلحين كمعنى ليسوا بمصلحين، كما أن معنى (ما تأتيني) معنى لم يكن منك إتيانٌ ولو قال قائل: إن دلالة الفعل على مصدره أقوى في الدلالة من هذا الذي مثَّلَه به، لكان عندي هو القول، ألا ترى أن الفعل يدل على مصدره في مثل قولك: مَنْ كَذَبَ كان شَرا له، "ولا تحْسَبَنَّ الذين يَبْخلون"، والمصدر أيضًا يدل على فعله في مثل سُقْيًا وما أشبهه وفي مثل: