قال أبو علي: تأويل هذه الآية: لا ينطقون ولا يعتذرون، كما أن معنى ما تأتينا فتُحَدّثُنا: ما تأتينا وما تحدثُنا، فالثاني منفي كما أن الأول منفي، وقد يُسأل عن هذه الآية فيُقال: كيف جاز لا ينطقون مع يعتذرون وقد نُفي عُذْرُهم، والاعتذار نُطْقٌ؟ فهذا على أحد تأويلي سيبويه لا يلزم هذا السؤال، لأن الاعتذار منفي، كما أن النطق منفي، فالفعل الثاني قد شرك، وهذا السؤال إنما يلزم إذا كان لم يَشْرِكْ الفعلُ الثاني الأول، وجُعل الثاني منقطعًا من الأول، وخبرُ المبتدأ محذوفٌ، كأنه في التقدير: ولا ينطقون، ولا يُؤذن لهم فهم يعتذرون، فالتأويل الأول أسوغ لأن الكلام فيه على وجه لا إضمار فيه.
ولو حملت الآية على الوجه الثاني لكان اعتذارهم ليس بعذر على الحقيقة كَلا نُطْقَ، وصار هذا كقولك: تَكَلَّمْتَ ولم تتكلّمْ إذا لم يأتِ بكلامٍ جَيّد.
وقال في عطف الأفعال المضارعة على فعل الأمر المبني على الوقف: فإذا أردت أنْ تجعل هذه الأفعال أمرًا أدخلت اللام، وذلك قولُك: ائْتِه فَلْيُحَدِّثْكَ وفيُحدّثَكَ إذا أردْتَ المُجازاةَ، ولو جاز الجزمُ في ائْتِني فأحدِّثَكَ ونَحوها لَجاز تحدّثْني تُريدُ به الأمرَ.