قوله: ويُغيِّرُ المعنى، معنى أنك تنفي الحديث فتوجب الإتيان، أي بغير النفي المعنى معنى نفيُك الحديثَ، فمعنى نفيُك الحديثَ بَدَلٌ من المعنى والنّفيُ هو المغير للمعنى، والمعنى مفعول به، وفائدةُ هذا الكلام أنّ النفي يُغَيّرُ معنى الكلام، فيصيرُ المنفيُّ موجَبًا، ألا ترى أنّك إذا قلت: ما أتيتني قطُّ فتُحدّثَني إلاّ بالشَّر، فقد نَفَيْتَ الإتيان في اللفظ وأوجَبْتَه في المعنى، لأنَّ المعنى أنّك تأتيه فتُحَدِّثُه بالشَّرِّ.
قال: وتقول: ائتني فأحَدِّثَك، فليس هذا من الأمر الأول في شيءٍ.
قال أبو علي: قولُه: فليس هذا من الأمر الأول في شيء، أي إذا قال: ائتني فأحدثك، فكأنه قال: لِيَكُنْ إتيانٌ فحديثٌ، وليس هذا كالمسائل التي قَدَّمها في أنَّ معنى النفي قد آل فيها إلى الإيجاب.
قال في الإيجاب نحو: سوف تأتينا فتُحدثُنا، فلم يحتاجوا إلى (أنْ) لِما ذكَرْتُ لك، ولأنَّ تلك المعاني لا تقع ها هنا.
قال أبو علي: أي المعاني التي بها النفي، ولو كانت الفاءُ والواوُ وأوْ يَنْصِبْنَ لأدخَلْت عليها الفاءَ والواوَ للعطف، ولكنّها كحتّى في الإضمار والبدل.
قال أبوعلي: الفاء والواو، وأو حروف عطف، والفعل ينتصب بعدهن على إضمار (أنْ)، كما أن ما بعد (حتّى) في الغاية، واللام في