أن يُقام (ما الكَلِمُ) مقام فاعل الفعل المبني للمفعول، ويدُلُّك على امتناع هذا أن الجملة التي من الفعل والفاعل هي مثل الجملة التي من المبتدأ والخبر في أن كل واحد من الاسمين مُحَدَّث عنه، فكما لا يكون المبتدأ المحدَّثُ عنه إلا مفردًا، ولا تقع موقعه الجملة كذلك لا يكون الفاعل جملة، بل هو في الفاعل أشدّ امتناعًا لشدة اتصاله بالفعل، وما يَلزم من إضْماره فيه، وليس ذلك في المبتدأ.
فإن قلت: أُضمِر المصدر في قوله: أن يُعلَمَ، لتصير الجملة التي هي قوله (ما الكَلِمُ) في موضع نصب، ويكون إضْماري للمصدر كقراءة من قرأ (وكذلك نُجِّيَ المؤمنين) يريد نُجِّيَ النَّجاءُ المؤمنين، فإن ذلك أيضًا غير جائز، لأن المفعول المنتصبَ حكمه أن يكون المرتفع في المعنى المُقام مقام الفاعل وليس قولُك:(ما العِلْمُ)؟ ولا له فيه ذِكْرٌ فلا يجوز على هذا الوجه أيضًا ولو حذفت التنوين من (عِلْم) وأضفته إلى ما كان حكمه أن يكون بمعنى الَّذي، كأنك قلت (عِلْمُ الذي هو الكَلِمُ) ولو جعلته استفهامًا لم يَجُزْ أن تضيف (عِلْم) إليه، لأن الجُمل لا تكون في موضع جر بإضافة الأسماء إليها إلا ما جاء من إضافة الظروف الزمانية إلى الجمل، وهذا شيء مقصور عليها، ولا تجوز الإضافة في غيرها من الأسماء إلى الجُمل، فإن أضفت (عِلْم) إلى ما كان بمعنى الذي، واحتَمَلَ أن يكون (عِلْم) المتعدي إلى مفعول، واحتمل أن يكون المتعدِّي إلى