قال أبو علي: معناه: أفي الحقّ أنَّ، وموضعُ (أنَّ جيرَتنا) رفعٌ، كأنّه قال في الجواب: اسْتقلالُ جيرتِنا على هذا وضعُه، ويُحْتَملُ أنْ يكونَ موضعُ (أنّ) نصبًا إذا لم تجعل (حَقًّا) ظرفًا، لكنّك تَنْصِبُهُ نصبَ المصدر فَيَكونُ التّقديرُ: أتَحِقُّ استقلالَ جيرتِك حقًّا، وجميعُ الباب على هذا.
قال: وسألتُه عن قولهم: أمّا حَقًّا فإنّك ذاهبٌ، فقال: هذا جَيِّدٌ، وهذا الموضعُ مِنْ مواضعِ (إنّ)، ألا ترى أنّك تقول: أمّا يومَ الجمعة فإنّك راحلٌ.
قال أبو علي: جاز انتصابُ حقًّا قبلَ (إنّ) في قولك: أمّا حقًّا فإنّك ذاهبٌ، وإنّما جاز انتصابُ الظرف مع (أمّا) وإنْ وقعَتْ قبل (إنّ) لأنّه ينْتصِبُ بالمعنى الذي في (أمّا) مِنَ الفعل فتقديرُه: مهما يكنْ مِنْ شيءٍ يومَ الجمعة فإنّك ذاهبٌ، ومهما يكنْ مِنْ شيءٍ في حقٍ فإنّك ذاهبٌ، فيومُ الجمعة وفي الحقِّ ينتصبان بما في (أمّا) مِنْ معنى الفعل.
وقوله: لأنَّ فيها معنى يوم الجمعة يكُنْ مِنْ شيءٍ.
فالمُرادُ (بيومَ الجمعة) أن يقع (مهما)، لأنَّ ما قبلَ (مهما) لا يتعلَّقُ بما بعدَه.