قال أبو علي: الدّليلُ على أنَّ (مثلَ) إنّما بُنِيَ على الفتح لأنّه مضافٌ إلى غير مُعْربٍ أنّك إذا أضَفْتَ هذا الذي بَنَيْتَهُ مِنَ الأسماءِ المُبْهَمَةِ إلى مُعْرَبٍ لمْ تَبْنِهِ، فمن قال:
على حينَ عاتبت، وهذا حقٌّ مثل ما أنّك، لم يَقُلْ: على حينَ تُعاقِبُ ولا هذا حَقٌّ مِثْل قولك، فهذا يَدُلُّك على البناء في (مِثْلَ) وما أشْبَهَهُ مِن المُبْهَمةِ للإضافة إلى مَبْنِيّ، فاكتسى البناءَ منه كما يكتسي منه التّعريفَ والتّنكيرَ، وأقوى الأقاويل في هذا القولُ، لأنَّ الحالَ مِنَ النَّكِرَةِ ليس بالقويِّ عندهم، فأمّا بناءُ (مِثْلَ) مع (ما) فإنّه بَعيدٌ لأنَّه إذا كانت (ما) زائدةً لمْ يَسُغْ بناؤُها مع ما قبلَها وتصييرها اسمًا واحدًا، ألا ترى أنّه لم يوجَدْ في الشَّيْئَيْن اللَّذَيْن جُعِلا اسمًا واحدًا ما أحَدُ الشَّيْئَيْن فيه حرفٌ زائدٌ، فأمّا البيتُ الذي أنشده أبو عثمان فيحتمِلُ أنْ يكونَ (مثل) فيه مضافًا إلى (ما)، وأنْ تكون (ما) فيه مع الفعل الذي بعده بمنزلة المصدر، إلاّ أنّ (مثل) فيه بُنِيَ أيضًا على الفتح، لأنّه أضيفَ إلى غيرِ مُعْربٍ، وعلى هذا التّأويل لا يكون حُجّة، لِكَوْنِ (مثل) مع (ما)، بمنزلة اسمٍ واحدٍ، لأنَّ (ما) لا تكونُ زائدةً في البيت على هذا.
وجاز أنْ يكونَ (مثل) مُضافًا إلى (ما أثْمرَ) إذا كان بمعنى المصدر، وكان (مثل) صفة لِدَمٍ، ودَمٌ نكرةٌ، و (ما أثمر) معرفةٌ لأنّه بمنزلة إثمارِ حُمَّاضِ الجَبَلِ، لأنّ (مثل) وإنْ أضَفْتَهُ إلى المعرفة لم يمتنعْ