قال: وأمّا ظَنَنْتُ وحَسِبْتُ وخِلْتُ ورأيْتُ فإنَّ (أنْ) تكونُ فيها على وجهين: النّاصِبَة والمُخَفَّفة.
قال أبو علي: هذه الأفعالُ التي ذكرها تقع بعدها (أنْ) النّاصِبَةُ للفعلِ والمُخَفَّفة، فإذا وقعَت المُخَفَّفة فالمُراد بها أنّه ثَبَتَ في الظَّنِّ واسْتَقَرَّ كما ثَبَتَ ما بعدَ العلم، فإذا وقعت النّاصِبَةُ فما بعْدَ الظَّنِّ لم يَثْبُتْ، كما أنَّ ما بعدَ (رَجَوْتُ وحَسِبْتُ) ونَحْوه لم يَثْبُتْ، وعلى هذا قُرِئَ "وحسِبوا أنْ لا تكونُ" و (ألاّ تكونَ) مرفوعًا ومنصوبًا.
قال: فإذا رفعْتَ قلتَ: قدْ حَسِبْتُ ألاَّ تقولُ ذاك، وأرى أنْ سَيَفْعَلُ ولا تَدْخُلُ هذه السّينُ في الفعلِ هُنا حتّى يكونَ (أنَّهُ).
قال أبوعلي: إذا وَقَعَت السّينُ في الفعل المستقبل بعْدَ (أنْ) لم تكُنْ (أنْ) النّاصِبَة لِلْفِعْل ولم تكنْ إلاّ المُخَفَّفَة مِن الثَّقيلة، وإنّما لم تكن النّاصِبةَ لِلْفعل لأنَّ السّينَ للاستقبال، و (أنْ) أيضًا إذا دَخَلتْ على فعلٍ مضارِعٍ عُلِمَ أنّها للاستقبال إذْ لا تقعُ لِلْحالِ، فمِنْ حيثُ لم يجزْ أنْ يجتمعَ الحرفان إذا كانا بمعنى واحدٍ، كالتّأكيدَيْن والاستفهامَيْن لم يَجُزْ أنْ يجتمعَ هذان، ولو جمعْتَ بينهما لكان بمنزلةِ جَمْعِكَ السّينَ وسوف.