للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهْيَ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشًا من عَلا

فإن كان (عَلا) معرفة فالنِّية بلامها أن تكون مضمومة، كما ضمّت (من عَلُ) لما كانت معرفة للغاية وإن كانت نكرة ولم تجعله من أعلى شيء معلوم معهود كان اللام في موضع جرّ، كما أن (مِنْ عَلُ) مجرورٌ فاللفظ فيه (علا) واحدٌ والتقدير مختلف، والأشبه في (عَلا) في البيت أن يكون معرفة، لأنه إشارة إلى أعلى الحوض، وإن قدَّرت (منْ عَلا) غايةً معرفةً لم تنوّنه في الدّرج كما لا يُنوّن (قبلُ) فيه، وإن قدّرته نكرة مؤنثة فقلت: (جيت من عَلاً) فاعلم.

قال أبو علي: الغاية على الحقيقة هو الاسم الذي يضاف إليه الاسم المبني على الضّمّ، لأن غاية الشيء نهايته، ونهايات هذه الأسماء المبنيّة على الضّمّ هي ما تضاف إليه، فغاية (قَبْلُ) هو ما هو قبل له، وكذلك (أولُ وعلُ)، وإنما يحذف المضاف منه إذا علم المضاف إليه، لذكر له قد سبق نحو قول الله تعالى "لله الأمر من قبل ومن بعدُ" بعد ذكره أمر الروم، والتقدير فيه والله أعلم: الأمر منْ قَبْلِ أنْ تُغْلَبَ الرُّومُ وبعدَه، فحذف ذلك لتقدم ذكره، فقَبْلُ غاية، أي أنه قد تعرّف في هذا الموضع كما يتعرف لو أضفته إلى ما هو غاية له، والغاية على الحقيقة إنما هو المضاف إليه، فإنما تكون هذه الظروف مبنيّة على الضّمّ متى حُذف منها

<<  <  ج: ص:  >  >>