في (مَطائي وسَمائي) أكثر منها في (مَراري)، فإذا قلت: مَرارًا وجب أن يلزم هذا القلب فيقال: (سَماءآ، ومَطاءآ)، فتقع الهمزة بين ألفين وهي قريبة من الألف، فكأنه يجتمع حروف متشابهة يستثقل اجتماعهن كما يستثقل اجتماع المثلين أو القريبي المخرج، فيدغمان، فأبدلت من الهمزة ياء فصار (مَطَايا وسَمايا) وهذا الإبدال إنما يبدل من الهمزة إذا كانت معترضة في الجمع مثل جمع (سَماءٍ ومطيّة، وركيّة)، ألا ترى أنه لا همزة في واحد من هذه الأسماء، ولو كانت الهمزة في الواحد ثابتة لم تبدل، ألا ترى أنك إذا جمعت (جايِيَة) لم تقل إلا (جَواي) لأن الهمزة ثابتة في الواحد، وهذا البيت يدل على صحة قول النحويين إن الأصل في (مطايا) وبابه أن يكون (مَطائي)، بالهمزة، وأن الإبدال في التقدير يكون من الهمزة، ألا ترى أن الشاعر أخرج ذلك في الضرورة ورد الكلام إليه كما يرد الأشياء إلى أصولها، نحو إظهار التضعيف، وصرف ما لا ينصرف، وتحريك حرف العلة الذي يلزم السكون، ولولا أن الأصل في هذا الباب أيضًا الهمزة، ثم يقع الإبدال عنه لم تردّه إليه في الضرورة، ولم يُبدل من هذه الهمزة الواو لأنها اختصّت بالبدل مما ظهرت فيه الواو التي هي لام مما جاء مبنيًا على التأنيث نحو (إدَاوة وادَاوى).