والسبب في الخطأ الأول: أن الحديث قد وقع عند الطبري في "تفسيره" عند الآية الثالثة من سورة المائدة من طريق ابن عُلية: "عن رجاء بن أبي سلمة، عن عبادة بن نُسي قال: حدثنا أميرنا إسحاق -قال أبو جعفر: إسحاق هو ابن خرشة- عن قبيصة قال: . . . ." فذكر الحديث.
فذكر ابن حجر العسقلاني -رحمه اللهُ- في "فتح الباري" الحديث كما وقع عند ابن جرير الطبري -رحمه اللهُ-، وهو خطأ كما ذكرنا.
ولعل السبب في ذلك الخطأ؛ أن الاسم عند ابن جرير الطبري -رحمه اللهُ- قد تصحف إلى "إسحاق عن قبيصة" بدلًا من: "إسحاق بن قبيصة"، أي: تصحفت "ابن" إلى "عن"، فاحتاج ابن جرير الطبري -رحمه اللهُ- إلى تعيين إسحاق هذا، فعرفه بأنه ابن خرشة، وهو تعيين خطأ أيضًا، لأن ابن خرشة الذي يروي عن قبيصة بن ذؤيب اسمه: عثمان بن إسحاق بن خرشة، وليس إسحاق والده هو المراد، ويقال له أيضًا:"عثمان بن خرشة"، وهو راوي حديث أبي بكر الصديق في توريث الجدة.
أمَّا إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب -وهو الاسم الصحيح للراوي- فهو عامل هشام بن عبد الملك على الأردن.
هذا؛ وقد أخرج الحديث على الصواب: الطبراني في "الأوسط"(٨٣٠، ٣٩٠٠)، وكذلك ابن عساكر في "تاريخه" من طريق مسدد بن مسرهد (٨/ ٢٧١).
(ب) تراجعات لبعض اجتهادات ابن حجر العسقلاني -رحمه اللهُ- في مواضع متأخرة من "فتح الباري" نفسه، لم يغير اجتهاده فيها في "النكت"، بل ظلت كما هي، وهي في مواضع أربعة:
الموضع الأول:
عند قول البخاري -رحمه اللهُ-: "وجار لي"(كتاب العلم، باب: التناوب في العلم) الحديث رقم (٨٩)، قال ابن حجر -رحمه اللهُ-: "هذا الجار هو عتبان بن مالك، أفاده ابن القسطلاني، لكن لم يذكر دليله". انتهى