للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (تَنَصَّر) أي: صار نصرانيًّا، وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نُفَيل لما كرها عبادة الأوثان إلَى الشام وغيرها يسألونَ عن الدين، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر، وكان لقي من الرهبان عَلى دين عيسى ولم يبدل، ولهذا أخبر بشأن النبي - صلى الله عليه وسلم -[٣١/ ب] والبشارة به، إلَى غير ذلِكَ مما أفسده أهل التبديل.

وأما زيد بن عمرو فسيأتي خبره في المناقب (١) إن شاء الله تعالَى.

قوله: (فكان يكتب الكتاب العبراني ويكتب من الإنجيل بالعبرانية).

وفِي رواية يونس (٢) ومعمر: "ويكتب من الإنجيل بالعربية" (٣)، ولِمسلم: "وَكَانَ يكتب الكتاب العربي" (٤)، والجميع صحيح؛ لأن ورقة يعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية، فكان يكتب الكتاب العبراني كما كَانَ يكتب الكتاب العربي، لتمكنه من الكتابتين واللسانين، ووقع لبعض الشراح هنا خبط فلا يعرج عليه، وإنما وصفَتْه بكتابة الإنجيل دون حفظه؛ لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن منتشرًا كنشر (٥) حفظ القرآن الَّذِي خُصَّت به هذه الأمة، فلهذا جاء في صفتها: "أناجيلها صدورها".

قوله: (يا ابن عم) هذا النداء عَلى حقيقته، ووقع في مُسْلِم: "يا عم" وهو وَهْمٌ؛ لأنه وإن كَانَ صحيحًا لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد، فلا يحمل عَلى أنها قالت ذَلِكَ مرتين، فتعين الحمل عَلى الحقيقة، وإنما جوزنا ذَلِكَ فيما مضى في العبراني والعربي؛ لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة واختلفت المخارج، فأمكن التعدد، وهذا الحكم يطرد في جَميع ما يشبهه.

وقالت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اسمع من ابن أخيك"؛ لأن والده عبد الله بن عبد المطلب وورقة في عدد النسب إلَى قُصي بن كِلَاب الَّذِي يَجتمعان فيه سواء، فكان من هذه الحقيقة في درجة أخوته، أو قالته عَلى سبيل التوفيق له عليه.


(١) (كتاب المناقب، باب: حديث زيد بن عمرو بن نُفيل) برقم (٣٨٢٧).
(٢) تصحفت في الأصل إلَى "يوسف".
(٣) "صحيح البخاري" (كتاب التفسير، باب: سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}) (٤٩٥٤).
(٤) "صحيح مسلم" (كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) برقم (١٦٠).
(٥) في "الفتح": "متيسرًا كتيسر".

<<  <  ج: ص:  >  >>