للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فحرك شفتيه)، وقوله: (فأنزل الله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة: ١٦]).

لا تنافِي بينهما، لأن تحريك الشفتين بالكلام يلزم منه تحريك اللسان؛ لأنه الأصل في النطق؛ إذ الأصل حركة الفم، وكل من الحركتين ناشئ عن ذَلِكَ، وقد مضى أن في رواية جرير في التفسير: "يُحرك به لسانه وشفتيه" (١)، فجمع بينهما، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابتداء الأمر إذا لُقِّن القرآن نازع جبريل القراءة ولم يصبر حَتَّى يتمها، مسارعة إلَى الحفظ؛ لئلا يتفلت منه شيء، قاله (٢) الحسن وغيره.

وفِي رواية الطبري، عن الشعبي: "عجل يتكلم به من حبه إيّاه" (٣)، وكلا الأمرين مراد، فأمر بأن ينصت حَتى يقضى إليه وحيه (٤)، ووُعد بأنه آمِنٌ من تفلته منه بالنسيان أو غيره، ونحوه قوله تعالَى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: ١١٤]. أي: بالقراءة.

قوله: (جَمعه لك صدرك) كذا في أكثر الروايات، وفِي رواية كريمة والحَمَّوي: "جمعه لك في صدرك"، وهو توضيح للأول، وهذا من تفسير ابن عباس، وَقالَ في تفسير: {فَاتَّبِعْ} [الحجر: ١٨]، أي: فاستمع وأنصت، وفِي تفسير: {بَيَانَهُ} [القيامة: ١٩]؛ أي: علينا أن تقرأه.

ويحتمل أن يُراد بالبيان بيان مجملاته، وتوضيح مشكلاته، فيستدل به عَلى جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب كما هو [٣٥/ أ] الصحيح في الأصول، والكلام عَلى تفسير الآيات المذكورة أخرته إلَى كتاب التفسير فهو موضعه.


(١) "تفسير الطبري" (سورة القيامة، قوله تعالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}).
(٢) في الأصل: "قَالَ"، والمثبت من "الفتح".
(٣) "تفسير الطبري" (سورة القيامة، قوله تعالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}).
(٤) في الأصل: "يعي إليه وحده"، والمثبت من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>