للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* خاتمة:

أنبأني غير واحد عن القاضي نور الدين بن الصَّائغ الدمشقي، قَالَ: حَدَّثنِي سيف الدين فُلَيْح المنصوري، قَالَ: أرسلني الملك المنصور قَلَاون إلى ملك الغرب بهدية، فأرسلني ملك الغرب إلَى ملك الفِرِنْج في شفاعة فقبلها، وعرض علي الإقامة عنده فامتنعت، فقال لي: لأتحفنك بتحفة سنية، فأخرج لي صندوقًا مصفحًا بذهب، فأخرج منه مقلمة ذهب، فأخرج منها كتابًا قد زالت أكثر حروفه، فقال: هذا كتاب نبيكم إلَى جدي قَيْصر، مازلنا نتوارثه إلَى الآن، وأوصانا آباؤنا أنه مادام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ ونعظمه، ونكتمه عن النصارى ليدوم لنا الملك. انتهى

ويؤيد هذا ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه جواب هرقل قَالَ: "ثبت مُلكه" (١). والله أعلم.

قوله: (رواه صالح بن كيسان، ويونس، ومعمر، عن الزهري).

قَالَ الكرماني: يحتمل ذَلِكَ وجهين:

أن يروي البُخَاريّ عن [٤٥/ أ] الثلاثة بالإسناد المذكور، كأنه قَالَ: أنا أبو اليمان، قَالَ: أنا الثلاثة، عن الزهريّ، وأن يروي عنهم بطريق آخر.

كما أن الزهري يحتمل أيضًا في رواية الثلاثة أن يروي لهم عن عبيد الله، عن ابن عباس، وأن يروي لَهم عن غيره. هذا ما يحتمل اللفظ، وإن كَانَ الظاهر الاتحاد.

قُلْتُ: هذا الظاهر كَافٍ لمن شم أدنى رائحة من علم الإسناد، والاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لَها في هذا الفن، وأما الاحتمال الأول فأشد بعدًا؛ لأن أبا اليمان لم يلحق صالح بن كيسان، ولا سمع من يونس، وهذا أمر يتعلق بالنقل المحض، فلا يلتفت إلَى ما عداه، ولو كَانَ من [أهل] (٢) النقل لاطلع عَلى كيفية رواية الثلاثة لهذا الحديث بخصوصه فاستراح من هذا التردد.


(١) في "الفتح": "ثبت الله ملكه".
(٢) زيادة من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>