للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجهاد من العمل الحسن" (١).

وأغرب ابن بطال فزعم أن هذا الحديث كَانَ أول الإسلام قبل فرض الجهاد، وفيه نظر، بل هو خطأ؛ لأن فرض الجهاد كَانَ قبل وقعة بدر، وبدر كانت في رمضان في السنة الثانية، وفيها فرض الصيام والزكاة بعد ذلكَ، والحج بعد ذَلِكَ عَلى الصحيح.

ثانيها: قوله: "شهادة أن لا إله إلا الله" وما بعدها مخفوض عَلى البدل من "خمس"، ويجوز الرفع عَلى حذف الخبر، والتقدير: منها شهادة أن لا إله إلا الله، أو عَلى حذف المبتدأ والتقدير: أحدها شهادة أن لا إله إلا الله.

فإن قيل: لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة [و] (٢) غير ذَلِكَ مما تضمنه سؤال جبريل.

أجيب: بأن المراد بالشهادة تصديق الرسول فيما جاء به، فيستلزم جَميع ما ذكر من المعتقدات. وَقَالَ الإسماعيلي ما مُحصله: هو من باب تسمية الشيء ببعضه، كما تقول: قرأتُ الحمد، وتريد جميع الفاتحة، وكذا تقول مثلًا: شهدت برسالة مُحَمَّد، وتريد جَميع ما ذكر، والله أعلم.

ثالثها: المراد بـ"إقام الصلاة": المداومة عليها، أو مُطلق الإتيان بها، والمراد بـ"إيتاء الزكاة": إخراج جزء من المال عَلى وجهٍ مَخصوص.

رابعها: اشترط ابن البَاقِلاني في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد عَلى الرسالة، ولم يُتَابع، مع أنه إذا دقق فيه بَانَ وجهه، ويزداد اتجاهًا إذا فرقها، فليُتَأمل.

خامسها: يُستفاد منه تخصيص عموم مفهوم السنة بخصوص منطوق القرآن؛ لأن عموم الحديث يقتضي صحة إسلام من باشر ما ذكر، ومفهومه أن من لم يباشره لا يصح [٤٩/ أ] منه، وهذا العموم مَخصوص بقوله تعالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: ٢١] عَلى ما تقرر في موضعه.


(١) "مصنف عبد الرزاق" (٣/ ١٢٥)، (٥/ ١٧٣).
(٢) سقطت من الأصل، وأثبتناها من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>