للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواية شُعبة، عَنْ قَتَادة مأمون فيها من تَدْلِيس قَتَادة؛ لأنه كَانَ لا يسمع منه إلا ما سمعه، وقد وقع التصريح في هذا الحديث في رواية النّسَائي (١).

وذكر الولد والوالد أدخل في المعنى؛ لأنهما أعز عَلى العاقل من الأهل والمال، بل ربما يكونان أعز من نفسه، ولهذا لم يذكر النفس أيضًا في حديث أبي هريرة.

وهل تدخل الأم في لفظ الوالد؟

إن أريد به من له الولد فنعم، أو يقال: اكتفى بذكر أحدهما كما يكتفى عن أحد الضدين بالآخر، ويكون ما ذكر عَلى سبيل التمثيل، والمراد: الأَعِزة، كأنه قَالَ: أحب إليه من أَعِزَّته.

وذكر "الناس" بعد "الوالد والولد" من عطف العام عَلى الخاص، وهو كثير.

وهل تدخل النفس في عموم قوله: "والناس أجمعين"؟

الظاهر: دخوله، وقيل: إضافة المحبة إليه تقتضي خروجه منهم، وهو بعيد، وقد وقع التنصيص بذكر النفس في حديث عبد الله بن هشام كما سيأتي (٢).

والمراد بالْمحَبَّةِ هْنَا: حب الاختيار لا حب الطبع، قاله الخَطَّابي، وَقالَ النووي: فيه تلميِح إلَى قضية النفس الأَمارة والمطْمئنة، فإن من رجح جانب المطمئنة كَانَ حبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - راجحًا، ومن رجح جانب الأمارة كَانَ حكمه بالعكس.

وفِي كلام القاضي عياض أن ذَلكَ شرط في صحة الإيمان؛ لأنه حمل المحبة على معنى التعظيم والإجلال، وتعقَّبه صاحب المُفْهم بأن ذَلِكَ ليس مرادًا هنا؛ لأن اعتقاد الأعظمية ليس مستلزمًا للمحبة؛ إذ قد يجد الإنسان إعظام شيء مع خلوه من محبته. قَالَ: فعلى هذا من لم يجد من نفسه ذَلِكَ الميل لم يكمل إيمانه، وإلى هذا يوميء قول عمر الَّذِي رواه المصنف في الأيمان والنذور من حديث عبد الله بن هشام: أن عمر


(١) "سنن النسائي" في "الكبرى" (كتاب الإيمان وشرائعه، باب: علامة الإيمان) (٦/ ٥٣٤)، في "المجتبى" في نفس الكتاب والباب (٨/ ١١٤ - ١١٥).
(٢) "صحيح البُخاريّ" (كتاب الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -) برقم (٦٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>