للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم - ومن معه، والقيام بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم، وإيثارهم إيّاهم في كثير من الأمور عَلى أنفسهم، فكان صنيعهم لذلك موجبًا لمعاداتهم جَميع الفرق الموجودين من عرب وعجم، والعداوة تجر البغض؛ فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم، حَتَّى جعل ذلِكَ آية الإيمان والنفاق تنويهًا بعظيم فضلهم وتنبيهًا عَلى كريم فعلهم، وإن كَانَ من شاركهم [٥٨/ب] في معنى ذلِكَ مشاركًا لهم في الفضل المذكور كل بقسطه.

وقد ثبت في "صحيح مُسْلِم" عن علي: أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ له: "لا يُحبك إلَّا مؤمن، ولا يُبغضك إلَّا منافق" (١). وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصَّحَابَة، لتحقق مشترك الإكرام، لما لَهم من حسن الغناء في الدارين.

قَالَ صاحب "المُفْهم": وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بُغْض لبعض، فذاك من غير هذه الجهة، بل للأمر الطارئ الذِي اقتضى المخالفة؛ ولذلك لم يحكم بعضهم عَلى بعض بالنفاق، وإنما كَانَ حالهم في ذَلِكَ حال المجتهدين في الأحكام: للمصيب أجران، وللمخطئ أجر واحد، والله أعلم.


(١) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الإيمان, باب: حب علي من الإيمان) برقم (٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>