للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (فهو) أي: العقاب.

(كَفَّارة) زاد أَحْمَد: "له" (١)، وكذا هو للمصنف من وجه آخر في باب المَشيئة من كتاب التوحيد، وزاد "وطُهُور" (٢).

قَالَ النووي: عموم هذا الحديث مخصوص بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨ - ١١٦]. فالمرتد إذا قُتل عَلى ارتداده لا يكون القتل له كفارة.

قُلْتُ: وهذا بناء عَلى أن قوله: "من ذَلِكَ شيئًا" يتناول جَميع ما ذُكر وهو ظاهر.

وقد قيل: يُحتمل أن يكون المراد ما ذُكر بعد الشِّرك بقرينة أن المُخاطب بذلك المسلمون فلا يَدخل حَتَّى يحتاج إلى إخراجه، ويُؤيده رواية مُسْلِم من طريق [٦٠/أ] أبي الأشْعَث، عن عُبَادة في هذا الحديث: "ومن أتى منكم حَدًّا" (٣). إذ القتل عَلى الشرك لا يُسمى حَدًّا.

لكن يُعكر عَلى هذا القائل أن الفاء في قوله: "فَمَنْ" لترتيب ما بعدها عَلى ما قبلها، وخِطَاب المسلمين بذلك لا يَمنع تحريز وقوعه منهم, وما ذكر في الحَدِّ عُرْفي حادث، فالصواب ما قَالَ النووي.

وَقَالَ الطيبي: المراد بالشرك: الشِّرك الأصغر؛ وهو الرياء، ويدل عليه تنكير شيئًا، أي: شركًا أيا ما كَانَ.

وتُعقب: بأن عُرف الشارع إذا أَطلق الشِّرك إنما يريد به ما يُقابل التوحيد، وقد تكرر هذا اللفظ في الآيات والأحاديث حيث لا يُراد به إلَّا ذَلكَ.

ويُجاب: بأن طَلب الجمع يقتضي ارتكاب المجاز؛ فما قاله مُحتمل وإن كَانَ ضعيفا, ولكن يغلب عليه أَيضًا أنَّه عَقب الإصابة بالعقوبة في الدُّنْيَا، والرياء لا عقوبة فيه، فَوَضح أن المراد: الشرك، وأنه مَخصوص.


(١) "مسند أَحْمَد" (٥/ ٣١٤).
(٢) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب التوحيد، باب: في المشيئة والإرادة) برقم (٧٤٦٨).
(٣) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها) برقم (١٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>