للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فظاهر هذا اتحاد البيعتين, ولكن المراد عَلى ما قَدَّرْتُه أن قوله: "إنِّي من النُّقَبَاء الذين بايعوا -أي: ليلة العقبة- عَلى الإيواء والنَّصْر"، وما يتعلق بذلك ثم قَالَ: "بَايعناه" إلى آخره؛ أي: في وقت آخر، ويُشير إلَى هذا الإتيان بالواو العاطفة في قوله: "وَقَالَ: بايعناه"، وعليك بِرَدِّ ما أتى مِن الروايات مُوهمًا بأن هذه البيعة كانت ليلة العَقَبة إلَى هذا التأويل الَّذِي نَهَجتُ طريقه فيرتفع بذلك الإشكال، ولا يبقى بين حديثي أبي هريرة وعُبَادة تعارض، ولا وجه بعد ذَلِكَ للتوقف في كون الحُدود كَفارة.

واعلم أن عُبَادة بن الصَّامِت لم ينفرد برواية هذا المعنى، بل رَوَى ذلك علي بن أبي طالب، وهو في الترمِذي وصححه الحاكم وفيه: "وَمَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فَعُوقب به في الدُّنْيَا؛ فالله أكرَم من أن يُثَنِّي بالعُقُوبة عَلى عبده في الآخرة" (١).

وهو عند الطَّبَرانِيّ (٢) بإسناد حسن من حديث أبي تَمِيمَة الهُجَيْمي.

ولأحمد من حديث خُزَيْمَة بن ثابت بإسناد حسن ولفظه: "مَن أصابَ ذنبًا أقيم عليه حَدُّ [٦١/ ب] ذَلِكَ الذنب فهو كَفَّارته" (٣).

وللطبراني عن ابن عمر مرفوعًا: "مَا عُوقِبَ رجل عَلى ذنب إلَّا جَعله الله له كَفَّارة لما أَصَاب من ذَلِكَ الذنب" (٤). وإنما أطلت في هذا الموضع؛ لأنني لم أر من أَزَال اللَّبس فيه عَلى الوجه المرضي، والله الهادي.

قوله: (فعوقب به) قَالَ ابن التين: يريد بالقطع في السرِقَة، والجلد أو الرجم في الزنا، قالَ: وأما قتل الولد فليس له عُقوبة معلومة، إلَّا أن يريد قتل النفس فكنى عنه.


= العقبة) برقم (٣٨٩٣)، وفِي "صحيح مُسْلِم" (كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها) برقم (١٧٠٩).
(١) "جامع التّرمِذي" (كتاب الإيمان, باب: ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن) برقم (٢٦٢٦)، والحاكم في "المستدرك" (كتاب الإيمان) (١/ ٧).
(٢) "المعجم الأوسط" برقم (٥٣١٥).
(٣) "مسند أحْمَد" (٥/ ٢١٤، ٢١٥).
(٤) "المعجم الأوسط" برقم (٨٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>