للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وللطبراني من وجه آخر، عن الزُّهْرِي بهذا الإسناد: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلى مَا بَايع عليه النساء يوم فتح مكة" (١).

ولمسلم من طريق أبي الأَشْعث، عن عُبَادة في هذا الحديث: "أخَذَ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَما أَخَذَ عَلى النساء" (٢). فهذه أدلة صَريحة في أن هذه البَيْعة إنما صَدرت بعد نزول الآية، بل بعد صُدور البَيْعة، بل بعد فتح مكة، وذلك بعد إسلام أبي هريرة بمدة.

ويُؤيد هذا ما رواه ابن أبي خَيْثَمة، عن أَبيه، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطُّفَاوي، عن أَيُّوب، عن عَمرو بن شُعيب، عن أَبيه، عن جده قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٦١/أ]: "أبايعكم عَلى ألَّا تُشركوا باللهِ شيئًا" (٣). فذكر نَحو حديث عُبَادة، ورجاله ثقات، وقد قَالَ إسحاق بن رَاهَويْه: إذا صح الإسناد إلى عَمرو بن شُعيب فهو كأيوب، عن نافع، عن ابن عمر. انتهى

وإذا كَانَ عبد الله بن عمرو أحد من حَضَر هذه البيعة، وليس هو من الْأَنصار، ولا ممن حصر بيعتهم بمنى، وصح تغاير البيعتين: بيعة الْأَنصار ليلة العقبة وهي قبل الهجرة إلى المدينة، وبَيْعة أخرى وقعت بعد فتح مكة وشهدها عبد الله بن عَمرو وكان إسلامه بعد الهجرة.

وإنما حَصَل الالتباس من جهة أن عُبَادة بن الصامِت حضر البيعتين معًا، وكانت بَيْعَة العَقَبة من أَجل ما يُمتدح به، فكان يذكرها إذا حدث تَنْويهًا بسابقته، فلما ذكر هذه البيعة التِي صَدرت عَلى مثل بيعة النساء عقب ذلِكَ تَوهم من لم يقف عَلى حقيقة الحال أن البَيْعة الأولى وقعت على ذلكَ.

ونَظِيره ما وقع في الصحيحين أَيضًا من طريق الصُّنَابحي، عَن عُبَادة قَالَ: "إنِّي من النقَبَاء الذين بَايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: "بَايعناه عَلى ألَّا نُشْرِكَ بالله شيئًا" (٤). الحديث.


(١) مسند عبادة بن الصامت في الجزء المفقود من المعجم الكبير للطبراني.
(٢) "صحيح مُسْلم" (كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها) برقم (١٧٠٩).
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" بسنده عن محمّد بن عبد الرَّحْمَن الطفاوي برقم (٩٢٣).
(٤) "صحيح البُخَاري" (كتاب مناقب الْأَنصار، باب: وفود الْأَنصار إلى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وبيعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>