للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحق عندي: أن حديث أبي هريرة صحيح وهو سابق عَلى حديث عُبَادة، والمُبَايعة المذكورة في حديث عبادة عَلى الصفَة المذكورة لَم تقع ليلة العَقبة، وإنما نَصُّ بيعة العَقَبة ما ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل المَغَازي: أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لمن حَضَرَ من الْأَنصار: "أبايعكم عَلى أن تَمْنَعوني مِما تَمْنَعونَ منه نساءكم وأبناءكم". فبايعوه عَلى ذَلِكَ، وَعَلى أن يرحل إليهم هو وأصحابه، وسيأتي في هذا الكتاب من حديث عُبَادة أَيضًا قَالَ: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلى السمع والطاعة في العُسْر والْيُسْر والْمَنْشَط والْمَكْرَه". الحديث (١).

فهذه البيعة الأولَى، ثم صَدَرَت مُبايعات أخرى سَتُذْكَرُ في كتاب الأحكام -إن شاء الله- منها هذه البَيْعَة، وإنما وَقَعت بعد فتح مكة بعد أن نزلت الآية الَّتِي في المُمْتَحنة وهي قوله تعالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: ١٢].

ونزول هذه الآية متأخر بعد قصة الحُدَيْبَية بلا خلاف، والدَّليل عَلى ذَلِكَ عند البُخَاري في كتاب الحدود من طريق سُفيَان بن عُيَيْنَة، عن الزُّهْري في حديث عُبَادة هذا: أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا بايعهم قرأ الآية كلها (٢)، وعنده في تفسير المُمْتَحَنة من هذا الوجه قَالَ: "قرأ آية النساء" (٣).

ولمُسلم من طريق مَعْمَر, عن الزهري "فَتَلا علينا آية النساء: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢] (٤).

وللنسائي من طريق الحارث بن فُضَيْل، عن الزُّهْرِي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ألا تبايعوني عَلى مَا بَايَع عليه النِّسَاء: ألا تُشركوا باللهِ شيئًا" الحديث (٥).


(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الأحكام، باب: كيف يبايع الإِمام النَّاس) برقم (٧١٩٩).
(٢) "صحيح البُخَاري" (كتاب الحدود، باب: الحدود كفارة) برقم (٦٧٨٤).
(٣) "صحيح البُخَاري" (كتاب التفسير، سورة الممتحنة، باب: إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) برقم (٤٨٩٤).
(٤) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها) برقم (١٧٠٩).
(٥) "سنن النَسَائي" في "الكبرى" (كتاب البيعة، باب: البيعة على ترك عصيان الإِمام) (٤/ ٤٢٤)، وفي "المجتبى" (كتاب البيعة، باب: البيعة عَلى الجهاد) (٧/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>