للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ النووي: في الآية دليل عَلى المذهب الصحيح أن أفعال القلوب يُؤاخذ بها إذا استقرت، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تَجاوز لأمتِي عما حدثت به أنفسها ما لَم تكلم به أو تعمل" (١). فمحمول عَلى ما إذا لم يستقر.

قُلْتُ: ويُمكن أن يستدل لذلك من عموم قوله: "أو تعمل"؛ لأن [٦٣/ ب] الاعتقاد هو عمل القلب.

قوله: (حَدَّثنا مُحَمَّد بن سلام) هو بتخفيف اللام عَلى الصحيح، وَقَالَ صاحب "المطالع": هو بتشديدها عند الأكثر، وتعقبه النووي بأن أكثر العلماء [عَلى] (٢) أنَّه بالتخفيف، وقد روي ذَلِكَ عنه نفسه، وهو أخبر بأبيه، فلعله أراد بالأكثر مشايخ بلده.

قوله: (أنا عَبْدَة) هو ابن سليمان الكُوفيّ، وفِي رواية الأصيلي: "ثَنَا".

قوله: (عن هشام) هو ابن عُروة بن الزُّبَيْر بن العَوَّام.

قوله: (إذا أمرهم أمرهم) كذا في معظم الروايات، ووقع في بعضها: "أمرهم" مرة واحدة، وعليه شَرَح القاضي أبو بكر ابن العربي، وهو الَذي وقع في طرق هذا الحديث الَّتِي وقفت عليها من طريق عَبْدة، وكذا من طريق ابن نمير وغيره عن هشام عند أَحْمَد (٣)، وكذا ذكره الإسماعيلي من رواية أبي أسامة، عن هشام ولفظه: "كانَ إذا أمر النَّاس بالشيء".

قالوا: والمعنى: كَانَ إذا أمرهم بما يسهل عليهم دون ما يشق، خشية أن يعجزوا عن الدوام عليه وعَمِل هو بنظير ما يأمرهم به من التَّخفيف طلبوا منه التكليف بما يشق؛ لاعتقادهم احتياجهم إلَى المبالغة في العمل لرفع الدرجات [دونه، فيقولون: لسنا كهيئتك، فيغضب من جهة أن حصول الدرجات] (٤) لا توجب التقصير في العمل، بل


(١) أخرجه النسَائي في "السنن الكبرى" (كتاب الطلاق، باب: من طلق في نفسه) (٣/ ٣٦٠)، وفي "المجتبى" في نفس الكتاب والباب (٦/ ١٥٧).
(٢) زيادة من "الفتح".
(٣) "مسند أحْمَد" (٦/ ٥٦).
(٤) زيادة من "الفتح" يستقيم بِها الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>