للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله (أورثتموها) أي صُيِّرَت لكم إرْثًا، وأطلق الإرث مجازًا عن الإعطاء لتحقق الاستحقاق. و"ما" في قوله: "بما" إما مصدرية؛ أي: بعملكم، وإما موصولة؛ أي: بالذي كنتم تعملونه، والباء للملابسة أو للمقابلة.

فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وحديث: "لن يدخل أحدكم الجنة بعمله" (١).

فالجواب: أن المنفي في الحديث دخولها بالعمل المجرد عن القبول، والمثبت في الآية دخولها بالعمل المتقبل، والقبول إنما يحصل برحمة الله، فلم يحصل الدخول إلَّا برحمة الله وقيل في الجواب غير ذَلكَ كما سيأتي عند إيراد الحديث المذكور.

قوله: (وَقَالَ عدة) أي: جماعة من أهل العلم، منهم أنس بن مالك، رُويِّنا حديثُهُ مرفوعًا في الترمِذي وغيره، وفِي إسناده ضعف (٢)، ومنهم ابن عمر، رُوِّينا حديثه في التفسير للطبري والدعاء للطبراني (٣)، ومنهم مُجاهد، رُويناه عنه في تفسير عبد الرَّزّاق وغيره (٤).

قوله: (لنسألنهم. . . إلى آخره).

قَالَ النووي: معناه عن أعمالهم كلها؛ أي: التِي يتعلق بِها التكليف، وتخصيص ذَلِكَ بالتوحيد دعوى بلا دليل.


(١) أخرجه البُخَاري في "صحيحه" (كتاب المرضى، باب: تمني المريض الموت) برقم (٥٦٧٣) بللظ: "لن يُدخل أحدًا عمله الجنة"، وَمُسْلِم في "صحيحه" (كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالَى) برقم (٢٨١٦) بلفظ: "ما من أحد يدخله عمله الجنة".
(٢) "جامع الترمِذي" (كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الحجر) برقم (٣١٢٦).
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٧/ ١١١، ١١٢) برقم (٤٠٥٨)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" في ترجمة داود بن أبي هند (٣/ ٩٥).
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (سورة الحجر، قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) (٧/ ٥٤٧)، والطبراني في "الدعاء" (باب: تأويل قول الله -عَزَّ وَجلَّ-: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) برقم (١٤٩٥).
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" (سورة الحجر، قوله تعالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) (٧/ ٥٤٧)، والطبراني في "الدعاء" (باب: تأويل قول الله -عز وجل-: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}) برقم (١٤٩٦، ١٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>