للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ: لتخصيصهم وجه من جهة التعميم في قوله: {أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٩٢]. فيدخل فيه المسلم والكافر، فإن الكافر مخاطب بالتوحيد بلا خلاف، بخلاف باقي الأعمال ففيها الخلاف، فمن قَالَ: إنهم مُخاطبونَ يقول: إنهم مسئولون عن الأعمال كلها، ومن قَالَ: إنهم غير مُخاطبين يقول إنما يُسألون عن التوحيد فقط، فالسؤال عن التوحيد متفق عليه، فحمل الآية عليه أولَى، بخلاف الحمل [٦٨/أ] عَلى جميع الأعمال؛ لما فيه من الاختلاف، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ) أي: الله -عز وجل-. {لِمِثْلِ هَذَا} [الصافات: ٦١] أي: الفوز العظيم، {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} أي: في الدُّنْيَا، والظاهر: أن المصنف تأولها بما تأول به الآيتين المتقدمتين؛ أي: فليؤمن المؤمنون، أو يُحمل العمل عَلى عمومه؛ لأن من آمن لابد أن يُقبل، ومن قُبل فمن حقه أن يعمل، ومن عمل لابد أن ينال، فإذا وصل قَالَ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}.

* تنبيه:

يحتمل أن يكون قائل ذلِكَ المؤمن الَّذِي رأى قرينه، ويحتمل أن يكون كلامه انقضى عند قوله: {الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصافات: ٦٠]. والَّذِي بعده ابتداء من قول الله -عز وجل-، لا حكاية عن قول المؤمن، ولعل هذا هو السر في إبهام المصنف القائل، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَد بن يونس) هو: أحْمَد بن عبد الله بن يونس اليَرْبُوعي الكُوفيّ، نُسِبَ إلى جده.

قوله: (سئل) أبهم السائل، وهو أبو ذر الغفاري، وحديثه في العتق (١).

قوله: (قيل: ثم ماذا؟ قَالَ: الجهاد) وقع في مسند الحارث بن أبي أسامة، عن إبراهيم بن سعد: "ثم جهاد"، فواخى بين الثلاثة في التنكير بخلاف ما عند المصنف.

وَقَالَ الكرماني: الإيمان لا يتكرر كالحج، والجهاد قد يتكرر، فالتنوين للإفراد الشخصي، والتعريف للكمال؛ إذ الجهاد لو أتى به مرة مع الاحتياج إلى التكرار لما كَانَ أفضل.


(١) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل) برقم (٢٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>