للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقب عليه بأن التنكير من جُملة وُجوهه: التعظيم، وهو يُعطي الكمال، وبأن التعريف من جُملة وجوهه: العهد، وهو يُعطي الإفراد الشخصي، فلا يُسَلَّم الفرق.

قُلْتُ: وقد ظهر من رواية الحارث الَّتِي ذكرتها أن التنكير والتعريف فيه من تصرف الرواة؛ لأن مخرجه واحد، فالإطالة في طلب الفرق في مثل هذا غير طائلة، والله الموفق.

قوله: (حج مبرور) أي: مقبول، ومنه: بَرَّ حَجُّك، وقيل: المبرور: الذِي لا يُخالطه إثم، وقيل: الذِي لا رياء فيه.

* فائدة:

قالَ النووي: ذكر في هذا الحديث الجهاد بعد الإيمان, وفِي حديث أبي ذر لم يذكر الحج وذكر العتق (١)، وفي حديث ابن مسعود بدأ بالصلاة، ثم البر، ثم الجهاد (٢)، وفِي الحديث المتقدم ذكر السلامة من اليد واللسان.

قَالَ العلماء: اختلاف الأجوبة في ذَلِكَ باختلاف الأحوال واحتياج [٦٨/ ب] المخاطبين، وذكر ما لا يعلمه السائل والسامعون وترك ما علموه، ويمكن أن يقال: إن لفظة "مِن" مرادة كما يقال: فلان أعقل النَّاس، والمراد: من أعقلهم، ومنه حديث: "خيركم خيركم لأهله" (٣)، ومن المعلوم أنَّه لا يصير بذلك خير النَّاس.

فإن قيل: لِمَ قدم الجهاد وليس بركن عَلى الحج وهو ركن؟

فالجواب: أن يقال: الحج قاصر غالبًا، ونفع الجهاد متعدٍّ غالبًا، أو كَانَ ذَلِكَ حيث كَانَ الجهاد فَرْض عين، ووقوعه فرض عين إذ ذاك متكرر، فكان أهم منه فَقُدِّم، والله أعلم.


(١) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب العتق، باب: أي الرقاب أفضل) برقم (٢٥١٨).
(٢) "صحيح البُخَارِيّ" (كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل الصلاة لوقتها) برقم (٥٢٧)، وكذلك في (٢٧٨٢، ٥٩٧٠، ٧٥٣٤).
(٣) أخرجه الترمِذي في "جامعه" (كتاب المناقب، باب: فضل أزواج النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -) برقم (٣٨٩٥)، وابن ماجه في "سننه" (كتاب النكاح، باب: حسن معاشرة النساء) برقم (١٩٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>