للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل في الجواب عنه: أن المراد بالنفاق: نفاق العمل كما قدمناه، وهذا ارتضاه القرطبي، واستدل له بقول عمر لحذيفة: "هل تعلم فِيَّ شيئًا من النفاق؟ "، فإنه لم يُرد بذلك: نفاق الكفر، وإنما أراد: نفاق العمل، ويؤيده وصفه [بالخالص] (١) في الحديث الثاني بقوله: "كانَ منافقًا خالصًا".

وقيل: المراد بإطلاق النفاق: الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال، وأن الظاهر غير مراد، وهذا ارتضاه الخطابي، وذكر أيضًا أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو مَن اعتاد ذَلِكَ وصار له دَيْدَنًا، قَالَ: ويدل عَليه التعبير بـ"إذا"، فـ"إذا" إنما تدل عَلى تكرر الفعل.

كذا قَالَ، والأولى ما قَالَ الكرماني إن حذف المفعول من: "حدَّث" يدل عَلى العموم إذا حدَّث [٧٧ / أ] في كل شيء كذب فيه، أو يصير قاصرًا إذا وجد ماهية التحدث كذب، وقيل: هو محمولٌ عَلى من غلبت عليه هذه الخصال وتهاون بها واستخف بأمرها، فإن من كَانَ كذلك كَانَ فاسد الاعتقاد غالبًا.

وهذه الأجوبة كلها مبنية عَلى أن اللام في المنافق للجنس، ومنهم من ادعى أنها للعهد, فقال: إنه وردت في حق شخص معين، أو في حق المنافقين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتمسك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذَلكَ، وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي، والله أعلم.

قوله: (تابعه شعبة) وصل المؤلف هذه المتابعة في كتاب المظالم (٢)، ورواية قَبِيصَة، عن سُفْيَان -وهو الثَّوْري- ضعفها يحيى بن مَعين، وَقَالَ الشيخ محيي الدين: إنما أوردها البُخَاريّ عَلى طريق المتابعة لا الأصالة.

وتعقبه الكرماني بأنها مُخالفة في اللفظ والمعنى فكيف تكون متابعة؟


(١) مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب المظالم، باب: إذا خاصم فجر) برقم (٢٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>