للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد يُستفاد من هذا: الإشارة إلَى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع، كمن ترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي به استعماله إلَى حصول الضرر.

قوله: (فسددوا) أي: الزموا السداد، وهو الصواب، من غير إفراط ولا تفريط.

قوله: (وقاربوا) أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه.

قوله: (وأبشروا) أي: بالثواب عَلى العمل الدائم وإن قل، والمراد: تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيمًا له وتفخيمًا.

قوله: (واستعينوا بالغدوة) أي: استعينوا عَلى مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة -بالفتح-: سِير أول النهار، وَقَالَ الجوهري: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس.

و(الرَّوْحَة) بالفتح: السير بعد الزوال.

و(الدُّلْجَة) بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر النهار، وقيل: سير الليل كله؛ ولهذا عبر فيه بالتبعيض؛ ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار، فهذه الأوقات [أطيب أوقات المسافر، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - خاطب مسافرًا إلَى مقصد فنبه عَلى أوقات] (١) نشاطه؛ لأن المسافر إذا سار الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة، وحُسن هذه الاستعارة [٨٠ / ب] أن الدُّنْيَا في الحقيقة دار نَقْلَة إلَى الآخرة.

وقوله في رواية ابن أبي ذئب: "القصدَ القصدَ" بالنصب فيهما عَلى الإغراء، والقصد: الأخذ بالأمر الوسط.


(١) زيادة من "الفتح" ليستقيم الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>