قَالَ ابن التين: لعلها أمِنَتْ عليها الفتنة فلذلك مدحتها في وجهها.
قُلْت: لكن رواية حَمَّاد بن سلمة، عن هشام في هذا الحديث تدل عَلى أنها ما ذكرت ذلك إلا بعد أن خرجت المرأة، أخرجه الحسن بن سُفْيَان في مسنده من طريقه، ولفظه:"كانت عندي امرأة فلما قامت قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذه يا عائشة؟ " قُلْت: يا رسول الله هذه فلانة وهي أعبد أهل المدينة" فذكر الحديث (١).
قوله:(مه). قَالَ الجوهري: هي كلمة مبنية عَلى السكون، وهي اسم سمي به الفعل، والمعنى: اكفف، يقال: مَهْمَهْتُه، إذَا زجرته، فإن وصلت نونت فقلت:"مهٍ".
وَقَالَ الدّاوودي: أصلُ هذه الكلمة: "ما هذا؟ ! " كالإنكار، فطرحوا بعض اللفظ فقالوا: مهٍ، فصيروا الكلمتين كلمة.
وهذا الزجر يحتمل أن يكون لعائشة، والمراد: نهيها عن مدح المرأة بما ذكرت، ويحتمل أن يكون المراد: النهي عن ذلك الفعل، وقد أخذ بذلك جماعة من الأئمة فقالوا: يكره صلاة جَميع الليل كما سيأتي في مكانه.
قوله:(عليكم بِما تطيقون) أي: اشتغلوا من الأعمال بما تستطيعون المداومة عليه، فمنطوقه يقتضي الأمر بالاقتصار عَلى ما يُطاق من العبادة، ومفهومه يقتضي النهي عن تكلف ما لا يُطاق.
وَقَالَ القاضي عِيَاض: يحتمل أن يكون هذا خاصًّا بصلاة الليل، ويحتمل أن يكون عامًا في الأعمال الشرعية.
قُلْت: سبب وروده خاص بالصلاة، لكن اللفظ عام وهو المعتبر.
وقد عبر بقوله:"عليكم" مع أن المخاطب النساء طلبًا لتعميم الحكم فغلَّب الذكور عَلى الإناث.
(١) أخرجه أبو نُعيم بإسناده عن الحسن بن سُفْيَان في "حلية الأولياء" في ترجمة الحولاء بنت تويت (٢/ ٦٥).