للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أحب) قَالَ القاضي أبو بكر ابن العربي: معنى المحبة من الله: تعلق الإرادة بالثواب، أي: أكثر الأعمال ثوابًا أدومها.

قوله: (إليه) في رواية المستملي وحده: "إِلَى الله"، وكذا في رواية عَبْدَة، عن هشام عِنْد إسحاق بن راهويه في "مسنده" (١)، وكذا للمصنف، ومسلم من طريق أبي سَلمة، ولِمسلم عن القاسم كلاهُما عن عائشة (٢)، وهذا موافق لترجمة الباب.

وَقَالَ باقي الرواة عن هشام: "وَكَان أحب الدين إليه، أي: إلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وصرح به المصنف في الرقاق في رواية مالك، عن هشام (٣)، وليس بين الروايتين تخالف؛ لأن ما كَانَ أحب إلَى الله كَانَ أحب إلَى رسوله.

قَالَ النووي: بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص [٨٥ / ب] والإقبال عَلى الله، بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد عَلى الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة.

وَقَالَ ابن الجوزي: إنما أحب الدائم لمعنيين:

أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخوا فيه كالمُعْرض بعد الوَصْل، فهو مُعَرَّض للذم، ولهذا أورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها، وإن كَانَ قبل حفظها لا يتعين عليه.


(١) "مسند إسحاق بن راهويه" (٢/ ١٣٩) برقم (٦٢٥).
(٢) رواية أبي سلمة عِنْد البُخَاريّ في "صحيحه" لفظها: "وأحب الصلاة إلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما دووم عليه. . . .". وهي في (كتاب الصوم، باب: صوم شعبان) برقم (١٩٧٠)، وليس فيها قصة الحولاء بنت تويت، ولكن فيها صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في شعبان، وكذا هي عِنْد مسلم في "صحيحه" (كتاب الصيام، باب: صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير رمضان. . .) برقم (٧٨٢)، وهو عنده أيضًا من رواية أبي سلمة ولكن في قيام الليل وهو في (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) برقم (٧٨٢).
وأما رواية القاسم، عن عائشة فهي في نفس الباب برقم (٧٨٣)، ولفظها: "أحب الأعمال إلَى الله تعالَى أدومها وإن قل".
(٣) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الرقاق، باب: القصد والمداومة عَلى العمل) برقم (٦٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>