للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: كيف أثبت له الفلاح بمجرد ما ذكر مع أنه لَم يذكر المنهيات؟

أجاب ابن بَطَّال: باحتمال أن يكون ذلكَ وقع قبل ورود فرائض النهي.

وهو عجيب منه؛ لأنه جزم بأن السائل ضمام، وأقدم ما قيل فيه أنه وفد سنة خَمس، وقيل بعد ذَلِكَ، وقد كَانَ أكثر المنهيات واقعًا قبل ذلكَ والصواب أن ذَلِكَ داخل في عمومه.

قوله: (فأخبره بشرائع الإسلام) كما أشرنا إليه.

فإن قيل: أما فلاحه بأنه لا ينقص فواضح، وأما بأن يزيد فكيف يصح؟

أجاب النووي: بأنه أثبت له الفلاح لأنه أتى بما عليه، وليس فيه أنه إذا أتى بزائد عَلى ذلِكَ لا يكون مفلحًا؛ لأنه إذا أفلح بالواجب ففلاحه بالمندوب مع الواجب أولى.

فإن قيل: فكيف أقره عَلى حلفه وقد ورد النكير عَلى من حلف ألَّا يفعل خيرًا؟

أجيب: بأن ذلكَ مختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وهذا جارٍ عَلى الأصل بأنه لا إثم عَلى غير تارك الفرائض، فهو مفلح وإن كَانَ غيره أكثر فلاحًا منه.

وَقَالَ الطيبي: يحتمل أن يكون هذا الكلام صدر منه عَلى طريق المبالغة في التصديق والقبول.

وَقَالَ ابن المنير: يحتمل أن تكون الزيادة والنقص تتعلق بالإبلاغ؛ لأنه كَانَ وافد قومه ليتعلم ويعلمهم.

قُلْت: والاحتمالان مردودان برواية إسماعيل بن جعفر، فإن نصها: "لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا" (١).

وقيل: مراده بقوله: "لا أزيد ولا أنقص" أي: لا أغير صفة الفرض، كمن ينقص الظهر ركعة مثلًا، أو يزيد المغرب.

قُلْت: ويعكر عليه أيضًا لفظ التطوع في رواية إسماعيل بن جعفر (٢)، والله أعلم.


(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الصوم، باب: وجوب صوم رمضان. . .) برقم (١٨٩١).
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الصوم، باب: وجوب صوم رمضان. . .) برقم (١٨٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>