للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: يرد الحج.

قلنا: لا؛ لأنه امتاز عن غيره بلزوم المضِي في فاسده فكيف في صحيحه؟ ! وكذلك امتاز بلزوم الكفارة في نفله كفرضه، والله أعلم.

قوله: (والله) في رواية إسماعيل بن جعفر قَالَ: "والَّذِي أكرمك" (١)، وفيه جواز الحلف في الأمر المهم، وقد تقدم.

قوله: (وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة) في رواية إسماعيل بن جعفر: "قَالَ: أَخْبِرني بما فرض الله عليَّ من الزكاة، قَالَ: فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام" (٢)، فتضمنت هذه الرواية أن في القصة أشياء أجملت، منها بيان نُصُب الزكاة فإنها لَم تفسر في الروايتين، وكذلك أسماء الصلوات، وكأن السبب فيه شهرة ذلكَ عندهم، أو القصد من القصة: بيان أن المتمسك بالفرائض ناجٍ وإن لَم يفعل النوافل.

قوله: (أفلح إن صدق) وقع عند مُسْلِم من رواية إسماعيل بن جعفر المذكورة: "أفلح وأبيه إن صدق أو دخل الْجَنَّة وأبيه إن صدق" (٣)، ولأبي داود مثله لكن بحذف "أو" (٤).

فإن قيل: ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء؟

أجيب: بأن ذَلِكَ كَانَ قبل النهي، أو بأنها كلمة جارية عَلى [٨٨ / ب] اللسان لا يقصد بِها الحلف كما جرى عَلى لسانهم: "عَقْرَى حَلْقَى" وما أشبه ذَلِك، أو فيه إضمار اسم الرب، كأنه قَالَ: ورب أبيه، وقيل: هو خاص؛ ويحتاج إلَى دليل.

وحكى البيهقي (٥) عن بعض مشايخه أنه تصحيف وإنما كَانَ "والله" فقصرت اللامان، واستنكر القرطبي هذا وَقَالَ: إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة.

وَقَالَ ابن بطال: دلَّ قوله: "أفلح إن صدق" عَلى أنه [إن] (٦) لَم يصدق فيما التزم لا يفلح، وهذا بخلاف قول المرجئة.


(١) "صحيح البخَاريّ" (كتاب الصوم، باب: وجوب صوم رمضان. . .) برقم (١٨٩١).
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الصوم، باب: وجوب صوم رمضان. . .) برقم (١٨٩١).
(٣) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الإيمان، باب: بيان الصلوات التِي هِيَ أحد أركان الإسلام) برقم (١١).
(٤) "سنن أبي داود" (كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة) برقم (٣٩٢)، وفِي (كتاب الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء) برقم (٣٢٥٢).
(٥) كذا هنا، وفِي "الفتح": "السهيلي"، فاللَّه أعلم.
(٦) زيادة من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>