للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أن يحبط عمله) أي: يحرم ثواب عمله؛ لأنه لا يثاب إلا عَلى ما أخلص فيه، وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بأنه يقوي مذهب الإحباطية الذين يقولون: إن السيئات يبطلن الحسنات، وَقَالَ القاضي أبو بكر ابن العربي في الرد عليهم: القول الفصل في هذا أن الإحباط إحباطان:

أحدهما: إبطال الشيء للشيء وإذهابه جملة، كإحباط الكفر للإيمان والإيمان للكفر، وذلك في الجهتين إذهاب حقيقي.

ثانيهما: إحباط الموازنة إذا جُعلت الحسنات في كفة والسيئات في كفة، فمن رجحت حسناته نَجا، ومن رجحت سيئاته وقف في المشيئة، إما أن يُغفر له وإما أن يُعذب، فالتوقيف إبطالُ ما؛ لأن توقف المنفعة في وقت الحاجة إليها إبطال لَها، والتعذيب إبطال أشد منه إلَى حين الخروج من النار، ففي كل منهما إبطال نسبي، أطلق عليه اسم الإحباط مَجازًا، وليس هو إحباطًا حقيقة؛ لأنه إذا خرج من النار وأدخل الجنة عاد إليه ثواب عمله، وهذا بخلاف قول الإحباطية الَّذِين سووا بين الإحباطين، وحكموا عَلى العاصي بحكم الكافر، وهم معظم القدرية، والله الموفق.

قوله: (وَقَالَ إبراهيم التيمي) هو من فقهاء التابعين وعُبَّادهم.

قوله: (مُكَذَّبًا) يروى بفتح الذال، يعني: خشيت أن يكذبني من رأى عملي مُخالفًا لقولي فيقول: لو كنت صادقًا ما فعلت خلاف ما تقول، وإنما قَالَ ذلِكَ لأنه [٩٠ / ب] كَانَ يعظ الناس.

[ويروى بكسر الذال] (١) وهي رواية الأكثر، ومعناه: أنه مع وعظه الناس لَم يبلغ غاية العمل، وقد ذم الله من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وقصَّر في العمل، فقال: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٣]. فخشي أن يكون مكذبًا أي: مشابهًا للمكذبين.


(١) سقطت من الأصل، وزدناها من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>