للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأن إيمان الصدِّيقين وغيرهم بمنزلة واحدة، وقد رُوي في معنى أثر ابن أبي مُلَيكَة حديث عن عائشة مرفوع رَوَاهُ الطبراني في "الأوسط" (١) لكن إسناده ضعيف.

قوله: (ويذكر عن الْحسن) هذا التعليق وصله جعفر الفريابي في كتاب "صفة المنافق" له [٩١ / أ] من طرق متعددة بألفاظ مُختلفة (٢)، وقد يُسْتَشْكَل تَرْك البُخَاريّ الجزم به مع صحته عنه، وذلك مَحمولٌ عَلى قاعدة ذكرها لي شيخنا أبو الفضل بن الحسين الحافظ -رحمه الله- وهي: أن البُخَاريّ لا يخص صيغة التمريض بضعف الإسناد، بل إذا ذكر المتن بالمعنى واختصره أتى بِها أيضًا لما علم من الخلاف في ذَلِكَ، فهنا كذلك، وقد أوقع اختصاره له لبعضهم الاضطراب في فهمه، فقال النووي: قوله: "ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق" يعني: الله تعالى.

قَالَ الله تعالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦]. وَقَالَ: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف: ٩٩]. وكذا شرحه ابن التِّين وجماعة من المتأخرين، وقرره الكِرْمَاني هكذا فقال: ما خافه أي ما خاف من الله، فحذف الجار وأوصل الفعل إليه.

قُلْت: وهذا الكلام وإن كَانَ صحيحًا لكنه خلاف مراد المصنف ومَنْ نقل عنه، والَّذِي أوقعهم في هذا هو الاختصار وإلا فسياق كلام الحسن البصري يبين أنه إنما أراد النفاق، فلنذكره.

قَالَ جعفر الفريابي: حَدَّثنَا قُتَيْبَة: حَدَّثنَا جعفر بن سليمان، عن المُعَلَّى بن زياد: سمعت الحسن يحلف في هذا المسجد بالله الَّذِي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قطُّ ولا بقي إلا وهو من النفاق مُشْفق، ولا مضى منافق قطُّ ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن، وكان يقول: من لم يخف النفاق فهو منافق (٣).

وَقَالَ أحْمَد بن حنبل في كتاب "الإيمان": ثنا رَوْح بن عُبَادة: "ثَنا هشام: سمعتُ الحسن يقول: والله ما مضى مؤمن ولا بقي إلا وهو يخاف النفاق وما أمنه إلا منافق. انتهى


(١) "المعجم الأوسط" برقم (٦٥٣٨)، وهو من رواية ابن أبي مليكة عن عائشة.
(٢) "صفة المنافق" للفريابي برقم (٨٣، ٨٤، ٨٥).
(٣) "صفة المنافق" للفريابي برقم (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>