للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* تنبيه:

ظاهر السياق يقتضي أن الإيمان لا يُطلق عَلى من صدَّق بجميع ما ذكر، وقد اكتفى الفقهاء بإطلاق الإيمان عَلى من آمن بالله ورسوله، ولا اختلاف؛ لأن الإيمان برسول الله المراد به: الإيمان بوجوده وبما جاء به عن ربه، فيدخل جميع ما ذكر تحت ذَلِكَ، والله أعلم.

قوله: (أن تعبد الله) [٩٧ / ب].

قَالَ النووي: يحتمل أن يكون المراد بالعبادة: معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها [عليها] (١) لإدخالها في الإسلام، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة: الطاعة مطلقًا فيدخل فيه جَميع الوظائف، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص عَلى العام.

قُلْت: أما الاحتمال الأول فبعيد؛ لأن المعرفة من متعلقات الإيمان، وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية، وقد عبر في حديث عمر هنا بقوله: "أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحَمَّدًا رسول الله"، فدل عَلى أن المراد بالعبادة في حديث الباب: النطق بالشهادتين، وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني، ولما عبر الراوي بالعبادة احتاج أن يوضحها بقوله: "ولا تشرك به شيئًا"، ولم يحتج إليها في رواية عمر لاستلزامها ذَلِكَ.

فإن قيل: السؤال عام لأنه سأل عن ماهية الإسلام، والجواب خاص لقوله: "أن تعبد" أو "تشهد"، وكذا قَالَ في الإيمان: "أن تؤمن"، وفِي الإحسان: "أن تعبد".

والجواب: أن ذَلِكَ لنكتة الفرق بين المصدر وبين أن والفعل؛ لأن "أن تفعل" تدل عَلى الاستقبال، والمصدر لا يدل عَلى زمان، عَلى أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر، ففي رواية عُثْمَان بن غِيَاث قَالَ: "شهادة أن لا إله إلا الله"، وكذا في حديث أنس، وليس المراد بمخاطبته بالإفراد اختصاصه بذلك، بل المراد: تعليم السامعين الحكم في حقهم وحق من أشبههم من المكلفين، وقد تبين ذَلِكَ بقوله في آخره: "يعلِّم الناس دينهم".


(١) زيادة من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>