للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فقالوا: يا رسول الله) فيه دليل عَلى أنهم كانوا حين المقالة مسلمين، وكذا في قولهم: "كُفَّار مُضَر"، وفِي قولهم: "الله ورسوله أعلم".

قوله: (إلا في الشهر الحرام) وللأَصِيلي وكَريمة: "إلا في شهر الحرام"، وهي رواية مُسْلِم (١)، وهي من إضافة الشيء إلَى نفسه، كمسجد الجامع، ونساء المؤمنات.

والمراد بالشهر الحرام: الجنس، فيشمل الأربعة الحرم، ويؤيده رواية قرة عند المؤلف في المغازي بلفظ: "إلا في أشهر الحرم" (٢)، ورواية حَمَّاد بن زيد عنده في المناقب بلفظ: "إلا في كل شهر حرام" (٣).

وقيل: اللام للعهد، والمراد: شهر رجب، وفِي رواية البيهقي (٤) التصريح به، وكانت مُضَر تبالغ في تعظيم شهر رجب، فلهذا أضيف إليهم في حديث أبي بكرة، حيث قالَ: "رجب مضر" كما سيأتي، والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تَحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخرى، إلا أنهم ربما أَنْسَأوها بخلافه.

وفيه دليل عَلى تقدم إسلام عبد القَيْس عَلى قبائل مُضَر الذين كانوا بينهم وبين المدينة، وكانت مساكن عبد القَيْس بالبحرين وما وَالاها من أطراف العراق، ولهذا قالوا كما في رواية شُعْبَة عند المؤلف في العلم: "وإنا نأتيك من شُقَّة بعيدة" (٥)، قَالَ ابن قتيبة: الشُّقَّة: السفر، وَقَالَ الزجاج: هِيَ الغاية الَّتِي تُقصد.

ويدل عَلى سبقهم إلَى الإسلام أيضًا ما رَوَاهُ المصنف في الجمعة من طريق أبي جَمْرة أيضًا عن ابن عباس قَالَ: "إن أول جمعة جُمِّعَت -بعد جمعه في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القَيْس بجُواثى من البحرين" (٦)، وجُواثَى -بضم الجيم وبعد الألف


(١) "صحيح مُسْلِم" (كتاب الإيمان، باب: الأمر بالإيمان بالله تعالَى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .. ) برقم (١٧).
(٢) "صحيح البُخَاري" (كتاب المغازي، باب: وفد عبد القيس) برقم (٤٣٦٨).
(٣) "صحيح البُخَاري" (كتاب المناقب، باب: نسبة اليمن إلَى إسماعيل) برقم (٣٥١٠).
(٤) "السنن الكبرى" للبيهقي (كتاب قسم الفيِء والغنيمة، باب: سهم الصفي) (٦/ ٣٠٣).
(٥) "صحيح البُخَاري" (كتاب العلم، باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس عَلى أن يحفظوا الإيمان. . .) برقم (٨٧).
(٦) "صحيح البُخَاري" (كتاب الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن) برقم (٨٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>