للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثلثة مفتوحة-: وهي قرية شهيرة لهم، وإنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، فدل عَلى أنهم سبقوا جميع القرى إلَى الإسلام.

قوله: (بأمرٍ فصلٍ) بالتنوين فيهما لا بالإضافة، والأمر: واحد الأوامر، أي: مُرْنا بعمل بواسطة افعلوا، ولهذا قَالَ الراوي: "أمرهم"، وفِي رواية [١٠٨/أ] حَمَّاد بن زيد وغيره عند المؤلف: "قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: آمركم" (١)، وله عن أبي التَّيَّاح بصيغة افعلوا (٢).

والفصل بمعنى: الفاصل، كالعدل بمعنى: العادل، أي: يفصل يين الحق والباطل، أو بمعنى المفصَّل، أي: المبين المكشوف، حكاه الطيبي، وَقَالَ الخطابي: الفصل البَيِّن، وقيل: المُحْكم.

وقوله: (نخبر به) بالرفع عَلى الصفة لأمر. وكذا قوله: (وندخل) ويروى بالجزم فيهما عَلى أنه جواب الأمر.

قوله: (فأمرهم بأربع) قَالَ القرطبي: قيل: إن أول الأربع المأمور بِها إقام الصلاة، وإنما ذكر الشهادتين تبرُّكًا بِهما كما قيل في قوله تعالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفالَ: ٤١].

وإلَى هذا نَحَا الطّيبي فقال: عادة البُلَغاء أن الكلام إذا كَانَ منصوبًا لغرض جعلوا سياقه له وطرحوا ما عداه، وهنا لَم يكن الغرض في الإيراد ذكر الشهادتين؛ لأن القوم كانوا مؤمنين مقرين بكلمتي الشهادة، ولكن ربما كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما [كما كَانَ] (٣) الأمر في صدر الإسلام، قَالَ: فلهذا لَم يَعُدَّ الشهادتين في الأوامر.

قيل: ولا يرد عَلى هذا إلا الإثبات بحرف العطف فيحتاج إلَى تقدير، قَالَ القاضي أبو بكر ابن العربي: لولا وجود العطف لقلنا: إن ذكر الشهادتين ورد عَلى سبيل التصدير، لكن يُمكن أن تقرأ قوله: "وإقام الصلاة" بالخفض، فيكون عطفًا عَلى قوله: "أمرهم بالإيمان"، والتقدير أمرهم بالإيمان مصدرًا به وبشرطه من الشهادتين، وأمرهم بإقام الصلاة إلَى آخره.


(١) "صحيح البُخاري" (كتاب المناقب، باب: نسبة اليمن إلَى إسماعيل) برقم (٣٥١٠).
(٢) "صحيح البُخَاري" (كتاب الأدب، باب: قول الرجل مرحبًا .. ) برقم (٦١٧٦).
(٣) مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>