عليه بكليته إقبالًا يزيد على الوصف، حتى حمل عنه علمًا جمًّا، واختص به كثيرًا، بحيث كان من أكثر الآخذين عنه، وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره، وأخذ عنه أكثر تصانيفه، وأعانه على ذلك قرب منزله منه، وكان لا يفوته مما يقرأ عليه إلا النادر.
وقرأ عليه الاصطلاح بتمامه، وسمع عليه جُلَّ كتبه، كعلوم الحديث إلا اليسير من أوائله وأكثرَ تصانيفه في الرجال وغيرها، كالتقريب، وثلاثة أرباع أصله، واللسان بتمامه، ومشتبه النسبة، وتخريج الزاهر، وتلخيص مسند الفردوس، والمقدمة، وأماليه الحلبية، والدمشقية، وغالب فتح الباري، وتخريج المصابيح، وابن الحاجب الأصل، وتغليق التعليق، ومقدمة الإصابة، وجملة يطول تعدادها، وفي بعضه ما سمعه أكثر من مرة، ولم يفارقه إلَى أن مات.
وأذن له في الإقراء والإفادة والتصنيف، وتدرب به في معرفة العالي والنازل، والكشف عن التراجم والمتون وسائر الاصطلاح وغير ذلك.
وجاب البلاد وجال، وجَدَّ في الرحلة، وارتحل إلى حلب ودمشق وبيت المقدس والخليل ونابلس والرملة وحماه وبعلبك وحمص، بحيث إن الذي سمع عنهم يكونون قريبَ مائةِ نفرٍ، بل زاد عدد من أخذ عنه من الأعلى والدون والمساوي على ألف ومائتين، والأماكن التي تحمل فيها من البلاد والقرى على الثمانين.
واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف، وهي تتنوع أنواعًا تنيف على العشر، حسبما ذكره مستوفى في ترجمته من تاريخه، وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأسانيد المتماسكة فيه عشرة أنفس وأكثر منه، وأصح ما بين شيوخه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه العدد المذكور.
واتصلت له الكتب الستة، وكذا حديث كل من الشافعي وأحمد والدارمي بثمانية وسائط، وفي بعض الكتب الستة كأبي داود من طريق آخر، وأبواب في النسائي ما هو سبعة، واتصل له حديث مالك وأبي حنيفة بتسعة.