وحج بعد وفاة شيخه ابن حجر مع والديه، ولقي جماعة من العلماء فأخذ عنهم: كأبي الفتح الأعز، والبرهان الزمزمي، والتقي ابن فهد، وأبي السعادات ابن ظهيرة، وخلائق.
ثم زار المدينة الشريفة، ورجع إلَى القاهرة ملازمًا للسماع والقراءة والتخريج والاستفادة من الشيوخ والأقران من غير فتور عن ذلك.
ولم يزل يجتهد في السماع ويرحل إلى الأقطار حتى وصل إلَى ما وصل إليه، وخصه بعض شيوخه على عقد مجلس الإملاء فامتثل إشارته، فأملى حتى أكمل تسعة وخمسين مجلسًا.
ثم توجه إلَى الحج في سنة سبعين فحج وجاور، وحدث هناك بأشياء من تصانيفه وغيرها، وأقرأ ألفية الحديث تقسيمًا وغالب شرحها لناظمها، والنخبة وشرحها، وأملى مجالس بالمسجد الحرام.
ولما رجع إلَى القاهرة شرع في إملاء تكملة تخريج شيخه للأذكار، ثم أملى تخريج الأربعين النووية وغيرها بحيث بلغت مجالس الإملاء ستمائة مجلس فأكثر.
وكذا حج في سنة خمسٍ وثمانين وجاور سنة ستٍّ، ثم سَنة سبعٍ وأقام منها ثلاثة أشهر بالمدينة النبوية، ثم في سنة اثنتين وتسعين وجاور سنة ثلاث، ثم سنة أربعٍ، ثم في سنة ستٍّ وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمانٍ، فتوجه إلى المدينة النبوية فأقام بها شهرًا وصام رمضان بها، ثم عاد في شوالها إلى مكة، ومكث بها ما شاء الله، ثم رجع إلَى المدينة وجاور بها إلى أن مات.
وحمل الناس من أهلهما والقادمين عليهما عنه الكثير جدًّا رواية ودراية، وحصلوا من تصانيفه مع ملازمة الناس في منزله للقراءة دراية ورواية في تصانيفه وغيرها، بحيث ختم عليه ما يفوق الوصف من ذلك، وأخذ عنه من الخلائق ما لا يحصى كثرة، وشرع في التصنيف والتخريج قبيل الخمسين، وهلم جرًّا، وتصانيفه إليها النهاية في الشهادة له لمزيد علوه وفخره.