للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجيب بأن ذَلِكَ لا يمنع من التنبيه عليه؛ لأنه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حَتَى يبدو صلاحها (١)، فكأنه يقول: لعل متخيلًا يتخيل أن هذا من ذاك وليس كذلك.

* وفيه دليل عَلى جواز تَجْمير النخل، وقد بوَّب عليه في الأطعمة (٢) لئلا يظن أن ذَلِكَ من باب إضاعة المال، وأورده في تفسير قَوْله تعالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: ٢٤] (٣). إشارة منه إلَى أن المراد بالشجرة: النخلة.

وقد ورد صريحا فيما رَوَاهُ البزار من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قالَ قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر هذه الآية، فَقَالَ: "أتدرونَ ما هِيَ؟ " قَالَ ابن عمر: لَم يخف عليَّ أنها النخلة، فمنعني أن أتكلم مكان سِني، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هِيَ النخلة" (٤).

ويُجْمَع بين هذا وبين ما تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - أُتِي بالجُمَّار فشرع في أكله تاليًا للآية قائلًا: " إن من الشجر شجرة" إلَى آخره، ووقع عند ابن حبان من رواية عبد العزيز بن مُسْلِم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن يُخبرني عن الشجرة مثلها مثل المؤمن: أصلها ثابت وفرعها في السماء" (٥). فذكر الحديث، وهو يؤيد رواية البزار.

قَالَ القرطبي: موقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت، وأن ما يصدر عنه من العلوم والخير قوت للأرواح مستطاب، وأنه لا يزال مستورًا بدينه، وأنه يُنتفع بكل ما صدر عنه حيًّا ومَيِّتًا. انتهى

وَقَالَ غيره: والمراد بكون فرع المؤمن في السماء: رفع عمله وقبوله.

روى البزار [١١٨/ ب] أيضًا من طريق سُفْيَان بن حسين، عن أبي بِشر، عن


(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب البيوع، باب: بيع المخاضرة) برقم (٢٢٠٨).
(٢) لعله يقصد: (باب: أكل الجمار) من (كتاب الأطعمة) برقم (٥٤٤٤).
(٣) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب التفسير، سورة إبراهيم، باب: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ. . .}) برقم (٤٦٩٨).
(٤) عزاه الهيثمي للبزار في "مَجمع الزوائد" (كتاب الإيمان، باب: في مثل المؤمن) (١/ ٨٣)، ولكن بلفظ آخر سيأتي.
(٥) "صحيح ابن حبان" (كتاب الإيمان، باب: ما جاء في صفات المؤمنين) برقم (٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>