للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْت: وقد [١٢٠/ أ] انقرض الخلاف في كون القراءة عَلى الشيخ لا تُجزئ، وإنما كَانَ يقوله بعض المتشددين من أهل العراق، فروى الخطيب، عن إبراهيم بن سعد قَالَ: "لا تدعون تنطعكم يا أهل العراق، العرض مثل السماع" (١).

وبالغ بعضُ المدنيين وغيرهم في مُخالفتهم فقالوا: إن القراءة عَلى الشيخ أرفع من السماع من لفظه، ونقله الدارقطني في غرائب مالك عنه (٢)، ونقله الخطيب بأسانيد صحيحة عن شعبة، وابن أبي ذئب، ويَحيى القطان (٣).

واعتلوا بأن الشيخ لو سَهَا لَم يتهيأ للطالب الرد عليه، وعن أبي عبيد قَالَ: "القراءة عليَّ أثبت وأفهم لي من أن أتولى القراءة أنا" (٤)، والمعروف عن مالك كما نقله المصنف عنه وعن سُفْيَان -وهو الثوري- أنهما سواء.

والْمَشهور الَّذِي عليه الجمهور: أن السماع من لفظ الشيخ أرفع رتبة من القراءة عليه ما لَم يعرض عارض يصير القراءة عليه أولَى، ومن ثَمّ كَانَ السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات، لما يلزم منه من تحرز الشيخ والطالب، والله أعلم.

قَوْلُهُ: (عن الْحَسن قَالَ: لا بأس بالقراءة عَلى العالِم) هذا الأثر رَوَاهُ الخطيب أتم سياقًا مِمّا هُنَا، فأخرج من طريق أَحْمَد بن حنبل عن مُحَمَّد بن الحسن الواسطي، عن عوف الأعرابي، أن رجلًا سأل الحسن فَقَالَ: "يا أبا سعيد، منزلي بعيد، والاختلاف يشق علي، فإن لَم تكن ترى بالقراءة بأسًا قرأت عليك؟ قَالَ: ما أبالي قرأت عليك أو قرأت


= ورآه سماعًا) (ص ٢٥٩).
(١) "الكفاية في علم الرواية" (باب: ذكر الروايات عمن قَالَ: إن القراءة عَلى المحدث بِمنْزلة السماع منه) (ص ٢٦٦).
(٢) ونقله أيضًا الخطيب في "الكفاية" (باب: ذكر الرواية عمن كَانَ يختار القراءة عَلى المحدث عَلى السماع من لفظه) (ص ٢٧٦).
(٣) "الكفاية في علم الرواية" (باب: ذكر الرواية عمن كَانَ يختار القراءة عَلى المحدث عَلى السماع من لفظه) (ص ٢٧٥، ٢٧٦).
(٤) "الكفاية في علم الرواية" (باب: ذكر الرواية عمن كَانَ يختار القراءة عَلى المحدث عَلى السماع من لفظه) (ص ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>