والزعمُ: القول الَّذِي لا يوثق به، قاله ابن السِّكِّيت وغيره.
قُلْت: وفيه نظر؛ لأن الزعم يُطلق [١٢٢/ أ] عَلى القول المحقق أيضًا، كما نقله أبو عمر الزاهد في شرح فصيح شيخه ثعلب، وأكثر سيبويه من قوله: زعم الخليل في مقام الاحتجاج، وقد أشرنا إلى ذَلِكَ في حديث أبي سُفْيَان في بدء الوحي.
وأمَّا تبويب أبي داود عليه:"باب: المشرك يدخل المسجد" فليس مصيرًا منه إلى أن ضمامًا قدم مشركا، بل وجهه أنّهم تركوا شخصًا قادمًا يدخل المسجد من غير استفصال.
ومِمّا يؤيد أن قَوْلَه:"آمنت" إخبار أنه لَم يسأل عن دليل التوحيد، بل عن عموم الرسالة، وعن شرائع الإسلام، ولو كَانَ إنشاء لكان طلب معجزة توجب له التصديق، قاله الكرماني.
وعكسه القرطبي فاستدل به عَلى صحة إيمان المقلد للرسول ولو [لَم](١) تظهر له معجزة، وكذا أشار إليه ابن الصلاح، والله أعلم.
* تنبيه:
لَم يذكر الحج في رواية شَرِيك هذه، وقد ذكره مُسْلِم وغيره في رواية ثابت، وهو في حديث أبي هُرَيْرَةَ، وابن عباس أيضًا.
وأغرب ابن التين فَقَالَ: إنما لَم يذكره لأنه لَم يكن فُرِض، وكأن الحامل له عَلى ذَلِكَ ما جزم به الواقدي وَمُحَمَّد بن حبيب أن قدوم ضمام كَانَ سنة خَمسٍ، فيكون قَبْل فَرْض الحج، لكنه غلط من أوجه:
أحدها: أن في رواية مُسْلِم أن قدومه كَانَ بعد نزول النهي في القرآن عن سؤال الرسول، وآية النهي في المائدة، ونزولها متأخر جدًّا.
ثانيها: أن إرسال الرسل إلَى الدعاء إلَى الإسلام إنما كَانَ ابتداؤه بعد الْحُدَيبية، ومعظمه بعد فتح مكة.