للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومناط التشبيه في قَوْله: "كحرمة يومكم" وما بعده ظهوره عند السامعين؛ لأن تَحريم البلد والشهر واليوم كَانَ ثابتا في نفوسهم مقررًا عندهم بخلاف الأنفس والأموال والأعراض، فكانوا في الجاهلية يستبيحونها، فطرأ الشرع عليهم بأن تَحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تَحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه؛ لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع.

ووقع في الروايات الَّتِي أشرنا إليها عند المصنف وغيره أنهم أجابوه عن كل سؤال بقولهم: "الله ورسوله أعلم"، وذلك من حسن أدبهم، لأنَّهم علموا أنه لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب، وأنه ليس مراده مطلق الإخبار بما يعرفونه، ولهذا قَالَ في رواية الباب: "حَتَى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه"، ففيه إشارة إلَى تفويض الأمور الكلية إلَى الشارع، ويستفاد منه الحجة ليثبت الحقائق الشرعية.

قَوْلُهُ: (فإن دماءكم إلَى آخره) هو عَلى حذف مضاف، أي: سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم، والعِرض -بكسر العين-: موضع المدح والذم من الإنسان، سواء كَانَ في نفسه أو سلفه.

قَوْلُة: (ليبلغ الشاهد) أي: الحاضر في المجلس [قَوْلُهُ: "الغائب"] (١) أي: الغائب عنه، والمراد: إما تبليغ القول المذكور، أو تبليغ جَميع الأحكام.

وقوله: (منه) صلة لأفعل التفضيل، وجاز الفصلُ بينهما لأن في الظرف سعة، وليس الفاصل أيضًا أجنبيًّا.

* فائدة:

وقع في حديث الباب: "فسكتنا" بعد السؤال، وعند المصنف في الحج من حديث ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبَ الناس يوم النحر فَقَالَ: "أي يوم هذا؟ " قالوا: يوم حرام (٢)،


(١) زيادة من "الفتح".
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الحج، باب: الخطبة أيام منى) برقم (١٧٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>