للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولهذا قَالَ مالك: من عَيْب القضاء أن القاضي إِذَا عُزل لا يرجع إلَى مجلسه الذِي كَانَ يتعلم فيه. وَقَالَ الشافعي: إِذَا تصدر الحَدَث فاته علم كثير.

والمراد بالسيادة في أثر عمر أعم من التزويج، ولا وجه لمن خصصه بذلك؛ لأنها قد تكون به وبغيره من الأشياء الشاغلة لأصحابها عن الاشتغال بالعلم.

وَقَالَ ابن المنير: مطابقة قول عمر للترجمة أنه جعل السيادة من ثمرات العلم، وأوصى الطالب باغتنام الزيادة قبل بلوغ درجة السيادة، وذلك يحقق استحقاق العلم بأن يغبط بها صاحبها.

لكن الحديث دلَّ عَلى أن الغِبْطَة لا تكون إلا بأحد الأمرين: العلم أو الجود، ولا يكون الجود مَحمودًا إلا إِذَا كَانَ بعلم، فكأنه يقول: تعلموا العلم قبل حصول الرياسة لتُغبَطوا إِذَا غُبِطتم بحق، ويقول أيضًا: إن تعجلتم الرياسة الَّتِي من عادتها أن تمنع صاحبها من طلب العلم فاتركوا تلك العادة وتعلموا العلم لتحصل لكم الغِبطة الحقيقية.

ومعنى الغِبْطَة: تمني المرء أن يكون له نظير ما للآخر من غير أن تزول عنه، وهو المراد بالحسد الَّذِي أطلق في الخبر كما سنبينه.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنا إسماعيل بن أبي خالد عَلى غير ما حدثناه الزهري) يعني: أن الزهري حدث سُفيان [١٣٢/ أ] بهذا الحديث بلفظ غير اللفظ الَّذِي حدثه به إسماعيل عن سالم، ورواها مُسْلِم (١)، عن زهير بن حرب وغيره عن سُفيان بن عُيَيْنَة قَالَ: حَدَّثَنَا الزهري، عن سالم، عن أبيه. . . . ساقه مُسْلِم تامًّا واختصره البُخَاريّ.

وأخرجه البُخَاريّ أيضًا تامًا في فضائل القرآن (٢) من طريق شُعَيب، عن الزهري: حَدَّثَنِي سالم بن عبد الله بن عُمَر. . . فذكره، وسنذكر ما تخالفت فيه الروايتان بعدُ إن شاء الله تعالَى.


(١) "صحيح مُسْلِم" (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه. . . .) برقم (٨١٥).
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب فضائل القرآن، باب: اغتباط صاحب القرآن) برقم (٥٠٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>